سنة أخيرة في الدوار الرابع

الديمقراطية نظام للحكم مليء بالعيوب ، ولا يظهر تفوقها إلا عند المقارنة بالبديل ، وقد وصفها أحدهم بأنها قد تكون أسوأ نظام حكم عرفه العالم باستثناء جميع الأنظمة الأخرى!.
ينطبـق هذا الوصف -مع الفارق- على حكومة الدكتور عبد الله النسور ، ذلك أن خصوم الرئيس يستطيعون أن يقدموا قائمة طويلة أو قصيرة من الانتقادات لحكومته ، ولكن ماذا عن البديل؟.
يريد بعض النواب أن يدخلوا في صراع بالصوت العالي مع الحكومة لاعتقادهم أن ذلك يعزز شعبيتهم ، ويبرهن على جرأتهم ، ويزيد فرصهم في إعادة الانتخاب في البرلمان القادم.
في المقابل يريد رئيس الحكومة أن يتجنب الصراع ، فيحاول سحب البساط من تحت أقدام هؤلاء عن طريق التجاوب الإيجابي ، والرد الهادئ ، وتقديم الحقائق والحجج والأرقام.
عندما تعرض الرئيس تحت القبة لأسوأ هجمة شخصية وعامة ، وصف ما حدث بأنه حوار راق ٍ وديمقراطي ، في هذا المجال وصفه البعض بالدهاء حيث استطاع أن يمتص الصدمات ويستوعب المعارضة ويجتاز الطريق المليئة بالأشواك مع ملاحظة أنه لم يتعرض لتهمة تتعلق بالإخلاص أو النزاهة أو الكفاءة.
أمام الدكتور عبد الله النسور أقل من سنة في الدوار الرابع بانتظار إجراء الانتخابات العامة. ومن المؤكد أنه لن ينافس على رئاسة حكومة ما بعد الانتخابات ، وبالتالي فإنه يستطيع أن يتصرف منذ الآن على ضوء قناعاته وما يرى فيه مصلحة عامة بصرف النظر عن الاعتبارات الشعبية وما يراه الآخرون.
في ظروف غير ضاغطة كهذه ، يمكن أن يأخذ الرئيس كل القرارات الصعبة وغير الشعبية ، وأن ينفذها دون تردد ، ويستطيع إذا شاء أن يناكف النواب الذين يناكفونه ، فهم لا يشكلون أغلبية ، وليسوا بدون عيوب ، ولا يستطيعون إسقاط حكومة تتمتع بثقة جلالة الملك.
رئيس الحكومة شاء أن يظل ديمقراطياً إلى النهاية ، وأن يتعاون مع السلطة التشريعية إلى أقصى الحدود ، حتى لو فسّر البعض هذا التعاون والتجاوب مع المجلس وملاقاته في منتصف الطريق كدليل ضعف.
كان غيره يلجأ في الظروف الصعبة إلى سياسة (آلو) لتوفير الحماية ، ولكنه لم يفعل.
السنة الأخيرة في عهد النسور تعطيه الفرصة لأن يختم عهده بإصلاحات اقتصادية قوية ، وإنجازات ملموسة تسجل له ، فليس المهم ما يقوله الخصوم ، المهم ما سيقوله التاريخ.
(الرأي 2015-12-11)