الدعوة ليست إسلامية فقط

ليس هناك دولة عربية واحدة ليس فيها جماعة للاخوان المسلمين، وينطبق الامر على كل الدول الاسلامية والكثير من الدول الاخرى ايضا. وهذه الجماعات كلها تجتمع اساسا على فكرة الدعوة للاسلام، ولم يلغ الاساس الانخراط بالعمل السياسي والعام، اذ تكشف ان لا دعوة ممكنة لاي امر دون انخراط في الحياة وطبيعة مساراتها اليومية في المجالات كافة. كما انه لا يمكن لاي فكرة ان تكون معزولة عن محيطها الا ان هي سلبية بالمطلق وتخص افرادا اختاروا العزلة اساسا. وعليه فإن العالم برمته قائم على اساس الدعوة ايا كانت مصادرها، وهذه كثيرة ومتعددة، والاسلام ليس طارئا بالامر وانما سباقا رغم كل الاخفاقات.
الاسلام هو الاسلام ولا اجتهاد في معرض ما فيه من نصوص، وان الاجتهاد جائز فانه ليس ليتعارض مع اي نص، والذهاب بعيدا في التفسير لا يؤمن أمرا لروح العصر بحكم الصلاحية للزمان والمكان. ويكون الدين بذلك منهج حياة صالحة وليس متحولا للرفض والقبول حسب الحاجات، وهذه اليوم هي التي تعمم الرفض باعتبار تعارض القيم وتناقضاتها انطلاقا من تسييد المصالح المادية واعادة تجيير الروحي لخدمتها كما كان الحال ابان العصور الوسطى وسطوة رجال الدين التي ألغتها الثورات.
فيما يجري اليوم، تشتد ضراوة الحملات على الاسلام شكلا واسما، وهي موجهة ليكون الاسلام نفسه على تناقض عبر اعادة رسم الفرق والطوائف ووظائفها الدينية والدنوية. وبالتدقيق يتكشف ان كل القتال الذي يدور الان انما هو بين المسلمين انفسهم، وان كل الانقسامات في دولهم فيما بينهم ايضا، وان التناحر والتنافس والتسابق هو فيما بينهم ايضا، ويكاد الامران يثبت على اساس المسلم عدو المسلم، وليس من صحوة واصلاح في الامر وانما دفعه ليكون اكثر ضراوة.
الاخوان المسلمون الاكثر تنظيما في العالم وهذا الامر سبب لضربهم بأقسى ما يمكن، وعليه فإن كل محاولات تفتيتهم مقصودة وتخدم الاتجاهات المقابلة له.
(السبيل 2015-12-14)