يا لوقاحتهم!

جاءت السويد، في مقدمة الدول في مراعاة حقوق الإنسان حول العالم، وفق مؤشر حقوق الإنسان التابع للشبكة الدولية للحقوق والتنمية بنسبة 89 %. وشمل التصنيف المعايير المتعلقة بالحقوق الأساسية مثل الحق في التعليم والحق في الأمن وحرية التعبير والمعتقد والصحة وغيرها.
وجاءت السويد ثانية في مؤشر احترام حقوق الانسان الأساسية في 216 بلدا حول العالم، وحسب المؤشر الذي يقوم على احترام 21 حقاً من حقوق الانسان المترابطة لكل دولة، حيث جاءت النرويج في المرتبة الأولى عالمياً، كأفضل دولة تحترم وتوفر الحقوق الأساسية لمواطنيها وسكانها، تبعتها السويد، التي حلت في المرتبة الثانية، فيما حل الاحتلال الصهيوني في المرتبة 147 عالميا.
إذن السويد هي سيدة حقوق الإنسان على هذا الكوكب، وهذه الدولة الضالعة في حقوق الانسان قال رئيس حكومتها ستيفان لوفين في مؤتمرٍ صحفيّ قبل أيام "إنّ عمليات الطعن بالسكاكين، التي يقوم بها الشبان الفلسطينيون ضدّ الإسرائيليين لا تُعتبر بحسب القانون الدوليّ إرهابا"، فيما قالت وزيرة الخارجية السويدية مارغوت وولستروم "إنّ إسرائيل تقوم بتنفيذ عمليات إعدام لفلسطينيين من دون محاكمة"، وأضافت "إن الردّ الإسرائيليّ لا يجب أنْ يكون إعداما من دون محاكمات، أو ردا غير متوازٍ، والذي يتسبب بزيادة عدد القتلى في الطرف الثاني".
بطبيعة الحال فان دولة الكيان الصهيوني العنصري غضبت واستدعت السفير السويدي وتحدثت عن الأخلاق والانسانية، وتناست أن الثرى لا يمكن أن يجاري الثريا، وأن السويد رائدة حقوق الإنسان لا يجب أن يحدّثها في هذا الشأن كيان محتل يقبع في المرتبة 147 عالميا، فعندما تتحدث السويد عن حقوق الإنسان والإرهاب، والإنسانية وتعتبر ان الفلسطينيين لا يشكلون إرهابا، وأن اسرائيل تقوم بقتلهم وتصفيتهم، فعلى الكيان الصهيوني أن يسكت ويخرس ويلوذ بالصمت، وعلينا كعرب أن نشعر بالعار، ونحن الذين سكتنا ولم يخرج من أنظمتنا العربية ولا من جامعتنا النائمة في سبات عظيم تصريحات توازي نصف ما قالته وزيرة خارجية السويد أو رئيس وزرائها.
ما قالته السويد غاب عن أفواه العرب، ولم يخرج علينا واحد منهم، ليقول إن من حق الفلسطينيين مقاومة محتلهم، وإن مقاومة الاحتلال حق كفلته المواثيق الدولية، وكان الأبرز في هذا المجال ما أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1974 وحمل الرقم 3214 وفيه تم الإقرار بحق الشعوب في النضال بجميع الأشكال بما فيها الكفاح المسلح من أجل نيل الحرية والاستقلال، وحق تقرير المصير، ونوه القرار عينه "أن أي محاولة لقمع الكفاح المسلح ضد السيطرة الاستعمارية والأجنبية والأنظمة العنصرية هي مخالفة لميثاق الأمم المتحدة ولإعلان مبادئ القانون الدولي الخاصة بالعلاقات الدولية والتعاون بين الدول، وللإعلان العالمي لحقوق الإنسان".
لا يمكن ان يتساوى الشعب المقاوم مع المحتل، وهذا ما عبّرت عنه السويد بكل جرأة ووضوح وبأخلاق عالية، وكيف لا، وهي الرائدة في الدفاع عن حقوق الانسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها، فيما ما نزال كعرب ندور في فلك الولايات المتحدة الأميركية التي اعتبرت إدارتها ووزير خارجيتها أن ما يقوم به الفلسطينيون من دفاع عن حقهم في تقرير المصير، ومقاومة الاحتلال "ارهابا"!
اسرائيل تحتج لأنها لم تعتد على هكذا كلام، وتتحدث مع رائدة حقوق الإنسان في الكون عن حقوق البشر، تلك بحق وقاحة صهيوينة، لا توازيها وقاحة وصلف وعنصرية أخرى، فمتى كان لكيان عنصري الحق في تعليم البشر حقوق الإنسان؟ وأين الكيان الصهيوني من السويد دولة الرفاهية التي جاءت خامسا في مؤشر السعادة العالمي وهي الحرية السياسية والشبكات الاجتماعية القوية، وغياب الفساد، والصحة العقلية والجسدية للأفراد، بالإضافة إلى الاستقرار الوظيفي والأسري، كما حلت السويد في الرتبة 11 في تصنيف مؤشر السلام العالمي للعام 2014، بينما قبعت اسرائيل العنصرية في المرتبة 149 عالميا؟ فيا وقاحتكم... يا وقاحتكم.
(الغد 2015-12-16)