من سيربح الانتخابات الرئاسية الأميركية؟

تم نشره الأربعاء 16 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 12:32 صباحاً
من سيربح الانتخابات الرئاسية الأميركية؟
مروان المعشر

تشهد الانتخابات الرئاسية الأميركية حالة مقززة من "الإسلاموفوبيا" لدى بعض المرشحين الجمهوريين، مخالفة للأسس التي بني عليها المجتمع الأميركي. ففي الأسابيع القليلة الماضية، طالب المرشح الجمهوري المتقدم في استطلاعات الرأي دونالد ترامب، أولاً، بسجل خاص لكل المسلمين في الولايات المتحدة، بمن في ذلك المواطنون والمواطنات الأميركيون المسلمون. ثم ألحق ذلك بمطالبته عدم إدخال أي مسلم للولايات المتحدة. في حالة تذكر بما فعلته أميركا بمواطنيها من أصل ياباني، حين وضعتهم تحت الإقامة الجبرية في معسكرات خاصة بعد هجوم "بيرل هاربر" إبان الحرب العالمية الثانية. وحتى المرشحون الجمهوريون الآخرون انتقدوا هذه المطالبة بقوة، والتي تفوح منها رائحة العنصرية البغيضة ضد المسلمين.

كيف تطورت الانتخابات الرئاسية الأميركية حتى وصلت إلى وضع بتنا نرى فيه أشخاصا في غاية التطرف، أمثال ترامب، يتبوأون صدارة مرشحي حزبهم؟

لقد اتجه الحزب الجمهوري تدريجياً، عبر العقود الماضية، نحو المحافظة المتشددة، حتى أصبح في خانة ضيقة من حيث عدم قدرته على استمالة شريحة واسعة من الناخبين، بمن في ذلك النساء والأميركيون من أصل لاتيني (باتوا يشكلون 17 % من السكان) والأميركيون من أصل أفريقي (13 % من السكان) واليهود (الذين لا يصوتون فقط بناء على دعم مرشح لإسرائيل، ولكن لقضايا اجتماعية واقتصادية متعددة، ومعظهم مؤيدون تقليديون للحزب الديمقراطي بنسبة 70-80 %). ويعني ذلك أن الحزب أصبح بشكل متزايد حزب الرجال البيض، الذين تتناقص نسبتهم في المجتمع تدريجياً.

بعد ظهور "حزب الشاي" ذي الاتجاهات المحافظة في السنوات الأخيرة، والذي بات ينافس الحزب الجمهوري من داخله على كسب أصوات الاتجاه المحافظ في المجتمع، تسارعت عملية اتجاه الحزب الجمهوري نحو اليمين المتطرف، حتى أصبح مرشحه الرئاسي في وضع يحتاج فيه إلى اتخاذ مواقف متطرفة لكسب ترشيح الحزب. لكن المواقف المتطرفة ستعمل ضده في الانتخابات العامة، لأن المجتمع الاميركي وسطي بغالبيته في مواقفه من قضاياه الداخلية. طبعاً، انتخابات الكونغرس تختلف، لكونها تعتمد على عوامل أخرى، بينها التقسيمات الجغرافية والتوزيعات الديمغرافية وغيرها. وهذا التحليل يقتصر على الانتخابات الرئاسية، حيث أصبح المرشح الجمهوري في وضع يصعب عليه النجاح في الانتخابات بسهولة، إلا بسبب ظروف خاصة، كالتهديد الأمني الذي شعرت به الولايات المتحدة بعد أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) 2001. وتجدر الإشارة هنا إلى أن تنظيم "داعش" لا يمثل للأميركيين مثل هذا التهديد الأمني، حتى بعد الحادث الإرهابي الأخير الذي أودى بحياة أربعة عشر شخصاً في كاليفورنيا. وقد صرح بذلك مراراً الرئيس أوباما.

هناك عامل مهم آخر تطور عبر العقود الماضية، وهو أن الانتخابات الأميركية أصبحت مكلفة جداً، إذ يحتاج المرشح لأكثر من مليار ونصف المليار دولار لخوض الانتخابات، وهو مبلغ خيالي. وقدرة المرشح وحزبه على جمع مثل هذه الأموال لها تأثير كبير على الفائز، وليس فقط مؤهلاته القيادية مثلاً.

أما بالنسبة للشرق الأوسط، فإن الأغلبية الساحقة من الأميركيين من الاتجاهات كافة، لا تريد تدخلاً عسكرياً برياً بعد تجربة الحرب على العراق. ولذلك، لن تختلف كثيراً سياسة من سيخلف أوباما عن سياسة الإدارة الحالية بشأن الموضوع السوري مثلا، أو في الحرب على "داعش"، بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات.

خلاصة الموضوع أنه باستثناء حدث جلل في السنة المقبلة، فأياً من يفز بترشيح الحزب الجمهوري للانتخابات الرئاسية لن يستطيع استمالة أغلبية الشعب الأميركي (والأغلبية هناك تحسب ببضع نقاط مئوية فقط، وليست أغلبية 99 % التي اعتدنا عليها في المنطقة). وإذا ما أضفنا إلى ذلك القدرة التنظيمية والتمويلية الهائلة التي تمتلكها هيلاري كلينتون بمساعدة زوجها، وعدم وجود منافس فعلي لها داخل الحزب الديمقراطي، فإن الرئيس الأميركي المقبل هو هيلاري كلينتون.

(الغد 2015-12-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات