الأردن في المرتبة 80 في تقرير التنمية البشرية 2015
المدينة نيوز :- صدر تقرير الأمم المتحدة للتنمية البشرية لعام 2015 ، وكان محوره الرئيسي "التنمية في كل عمل".
وتعبر لوحة غلاف التقرير إلى التقدم الذي أنجزه العالم في ربع قرن 1990-2015، فقد ارتفع عدد البلدان التي تتمتع بمستوى مرتفع في التنمية من 47 بلدا (1.2 مليار نسمة) إلى 63 بلدا (3.6 مليارات)، وانخفض عدد البلدان ذات المستوى المنخفض في التنمية من 62 بلدا (3 مليارات) إلى 43 بلدا (مليار).
لقد تقدم العالم كثيرا في ربع قرن، وتحسن مستوى المعيشة والخدمات، ونشأت في الوقت نفسه تحديات أخرى مثل الفقر وعدم المساواة والتلوث البيئي والتغير المناخي.
صدر التقرير الأول للتنمية البشرية عام 1990 بفكرة بسيطة: التنمية هي توسيع الخيارات، وفي غنى الحياة لا في غنى الاقتصاد، والعمل رافد يغني الاقتصاد كما الحياة، مع أن مفهومه التقليدي رجّح طويلا الاقتصاد على التنمية البشرية. أما تقرير التنمية البشرية لعام 2015 فيذهب أبعد من الفكر التقليدي، ليجعل العمل في مقام الثروة من حياة الإنسان.
ويبدأ التقرير بسؤال جوهري: كيف للعمل أن يعزز التنمية البشرية؟ ويتناول العمل بمفهومه الأوسع، فيتجاوز الوظيفة ليضيء على أبعاد أخرى في العمل غير المدفوع الأجر، كالرعاية والتطوّع والإبداع، وكلها تثري الحياة.
ويتوقف التقرير عند التقدّم الذي شهده العالم على مدى ربع قرن مضى؛ أصبحت الحياة أطول، والمدرسة تتسع للمزيد من الأطفال، وإمدادات المياه النظيفة وخدمات الصرف الصحي الأساسية في متناول المزيد من السكان.
وقد ارتفع نصيب الفرد من الدخل وتراجع الفقر، فتحسن مستوى معيشة الكثيرين. وجمعت الثورة الرقمية الناس من مختلف البلدان والمجتمعات. والعمل، إذ يطوّر إمكانات الأفراد، يسهم في هذا التقدّم. فمن العمل اللائق يستمدّ الأفراد القدرة على المشاركة الكاملة بكرامة في المجتمع.
غير أن تحديات كبرى لا تزال جاثمة، من الفقر المستشري وعدم المساواة المتجذّر إلى تغيّر المناخ والاستدامة البيئية والنزاعات وعدم الاستقرار. وفي هذه التحديات عقبات تحول دون انخراط الأفراد في العمل اللائق، فتبقى طاقات بشرية هائلة دفينة. وأكثر من يواجه هذه العقبات الشباب والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة وفئات مهمشة أخرى.
وما بين العمل والتنمية البشرية -حسب التقرير- لا توجد صلة تلقائية، فدور العمل في التنمية البشرية رهن بنوعيته التي لها بعدٌ هام في تعزيز التنمية البشرية، وبعوائق مثل التمييز والعنف. وبعض العمل هو نقيض للتنمية البشرية، مثل عمل الأطفال، والعمل بالإكراه والاتجار بالبشر. وفي حالات كثيرة، يعيش العاملون ظروفا خطيرة، إذ يقعون ضحايا الاستغلال، ويفتقرون إلى الأمن والحريّة والاستقلالية.
وفي عالم العمل السريع التغيّر بفعل العولمة والثورة التقنية، تزداد معالجة جميع هذه القضايا إلحاحا. ففي العولمة رابح وخاسر، وفي الثورة الرقميّة فرص وتحديات جديدة، من عقود غير منتظمة، وأنماط عمل لفترات قصيرة، تقع أعباؤها على غير تناسب بين المهارات المتخصصة وغير المتخصصة.
والمرأة -حسب التقرير- في موقع الخاسر في عالمي العمل المدفوع الأجر وغير المدفوع، فحصتها من الأول هي الأقل، مشاركة في القوى العاملة، وأجرا، واستقرارا في العمل، وتمثيلا في مراكز الإدارة والقرار. وحصتها من الثاني هي الأكبر في العمل المنزلي والرعاية.
ويحدّد التقرير أن العمل المستدام حجر أساس في التنمية المستدامة، إذ يدفع عجلة التنمية البشرية ويحد من الآثار الجانبيّة والعواقب غير المقصودة، فهو إتاحة الفرص لأجيال الحاضر دون المساس بفرص أجيال المستقبل.
ويستلزم تعزيز التنمية البشرية من خلال العمل سياسات وإستراتيجيات في مجالات ثلاثة هي: خلق فرص العمل، وصون رفاه العاملين، واتخاذ الإجراءات الموجّهة. ففي المجال الأول تركيز على إستراتيجيات التوظيف الوطنية واغتنام الفرص في عالم العمل المتغيّر، وفي المجال الثاني قضايا هامة مثل صون حقوق العاملين ومستحقاتهم، وتوسيع الحماية الاجتماعية ومعالجة عدم المساواة.
وفي المجال الثالث إجراءات موجهة إلى العمل المستدام، والموازنة بين العمل المدفوع الأجر وغير المدفوع، وتدخلات لصالح فئات معيّنة، مثل الشباب والأشخاص ذوي الإعاقات. والأهم أن يرتكز ذلك على عقد اجتماعي جديد، واتفاق عالمي، وتنفيذ برنامج توفير العمل اللائق.
يُقاس مفهوم التنمية البشرية بدليل التنمية البشرية الذي يقدّر رفاه الإنسان بأبعاد واسعة تتخطى الدخل، مثل التعليم والصحة التي يعبر عنها بمعدل العمر المتوقع، وخدمات ومؤشرات صحية مثل وفيات الأطفال والرعاية الصحية التي تقدم للنساء وتطعيم الأطفال ضد الأمراض مثل الحصبة والجدري وشلل الأطفال..
وببساطة فإن المفهوم الحاكم للتنمية أن يكون محورها الإنسان، بحيث يمتلك الخيارات والفرص الكافية لاستخدامها، والقدرة على التأثير في حياته، وفي ذلك فإن النمو الاقتصادي وسيلة لا غاية، قيمته بتحسين حياة الناس ومشاركتهم.
يعبر عن مؤشرات التنمية البشرية بقيمة دليل التنمية، وهو مقياس مستمد من المكونات الأساسية للتنمية، وأهمها العمر المتوقع ويقاس بالخدمات الصحية، واكتساب التعليم والمعرفة ويقاس بمتوسط سنوات الدراسة، ونصيب الفرد من الدخل القومي.
ويعبر عن المقياس رقميا بسلم يتراوح بين الصفر والواحد، ويؤخذ بالاعتبار أيضا عوامل إيجابية وسلبية أخرى، مثل المساواة بين النساء والرجال في العمل والأجور وتولي المناصب، وأبعاد الفقر التي لا صلة لها بالدخل.
تعتبر دول ذات تنمية مرتفعة جدا تلك التي تحوز على مؤشر يتراوح بين 0.8-1، وهي في هذا العام 49 بلدا تأتي في مقدمتها النرويج (0.944) فأستراليا، سويسرا، الدانمارك، هولندا، ألمانيا، إيرلندا، الولايات المتحدة، كندا، نيوزيلندا، وسنغافورة.
وجاءت قطر في المرتبة 32 عالميا (شمل التقرير 188 دولة) وفي مقدمة الدول العربية (0.85)، تليها السعودية في المرتبة 39، فالإمارات 41، فالبحرين 45، فالكويت 48، وجاء في الدول ذات التنمية المرتفعة (0.7-0.8) سلطنة عمان 52، ولبنان 67، والأردن 80، والجزائر 83، وتونس 96.
وجاء في الدول ذات التنمية المتوسطة (0.5-0.7) مصر 108، فلسطين 113، العراق 121، المغرب 126، سوريا 134. وجاء في التنمية المنخفضة (أقل من 0.5) موريتانيا 156، جزر القمر 159، اليمن 160، السودان 167، جيبوتي 168، جنوب السودان 169.
ركز التقرير بحسب "الجزيرة نت" على العمل باعتباره من أهم مؤشرات التنمية، ولأنه يشهد تغيرات جوهرية بسبب العولمة والحوسبة. وفي التنمية البشرية يتسع مفهوم العمل إلى ما هو أبعد وأعمق من الوظيفة أو التشغيل، فالوظائف تؤمّن الدخل، وتسهم في صون كرامة الإنسان وتتيح له المشاركة والأمن الاقتصادي. ولكن إطار الوظيفة يُغفل أنواعا عديدة من العمل تؤثر على التنمية البشرية، كالعمل في الرعاية والعمل التطوّعي والعمل الإبداعي في الكتابة أو الرسم.
والصلة بين العمل والتنمية البشرية هي صلة ترابط وتفاعل، فالعمل يعزّز التنمية البشرية بتأمين الدخل وسبل العيش، والحد من الفقر، وكفالة الإنصاف في النمو. والتنمية البشرية تزيد رأس المال البشري بتوسّع فرص الإنسان وخياراته بتحسين الصحة ومستوى المعرفة والمهارة والوعي.
يقدم التقرير أمثلة ملفتة عن التقدم الإيجابي الذي يحدثه العمل في مفهومه الشامل الذي يتعدى الوظيفة، إذ تقدم اليوم 500 مليون مزرعة عائلية أكثر من 80% من غذاء العالم، ويسهم 80 مليون عامل في الصحة والتعليم في بناء القدرات البشرية، وتساهم 23 مليون وظيفة في الصين والهند في مجال الطاقة النظيفة في استدامة التنمية والبيئة، ويساهم أكثر من 450 مليونا من رواد الأعمال في الابتكار والإبداع، ويعمل 53 مليون شخص في منازلهم مقابل أجر، ويشارك نحو 970 مليونا في أعمال تطوعية تزيد التماسك الاجتماعي وتساعد العائلات والمجتمعات، وتساهم أعمال فنية وموسيقية واسعة وكثيرة في إثراء حياة الناس.
وقد صاحب تقرير التنمية البشرية تقرير فرعي عن متابعة تحقيق الأهداف الإنمائية للألفية، وهي مجموعة أهداف حددت في قمة عالمية بداية الألفية وحدد العام 2015 موعدا لتحقيقها. وقد ركزت هذه الأهداف على مواجهة التحديات التي تواجه العالم: الفقر والجوع، والمرض، والتعليم، والتلوث..
يؤشر التقرير على مجموعة من الإنجازات والتحديات، وتؤشر التغيرات في الأرقام بين عامي 1990 و2015 إلى تحسن مستمر في الدخل والصحة والتغذية، ففي مواجهة الفقر والجوع يقول إن معدلات الفقر بمعيار 1.25 دولار للفرد يوميا، انخفضت من 50% عام 1990 إلى 14% عام2015، وتضاعف عدد الطبقة الوسطى (4 دولارات يوميا للفرد) ثلاثة أضعاف من 18% إلى أكثر من 50%. وانخفضت نسبة الذين يعانون من سوء التغذية من 23 إلى 13%.
وتزايدت نسبة التعليم الابتدائي من 83 إلى 91%، وانخفض عدد الأطفال الذين لا يلتحقون بالمدارس من مئة مليون طفل إلى 57 مليونا. وفي مجال المساواة بين الجنسين وتمكين المرأة يتزايد التحاق الفتيات بالتعليم حتى أصبح عدد الطالبات في المدارس يتفوق على عدد الطلاب في معظم دول العالم، وتحقق المرأة مكاسب إضافية في الالتحاق في العمل والمشاركة السياسية وفي البرلمانات، وإن كانت النساء مازلن يمثلن 20% من أعضاء المجالس النيابية.
وفي مجال الصحة تناقصت نسبة وفيات الأطفال بتسارع كبير، وزادت نسبة الأطفال الذين يتلقون تطعيمات ولقاحات ضد أمراض الحصبة من 73 إلى 84%. وتراجعت نسبة الوفيات للنساء أثناء الولادة بنسبة 45% منذ العام 1990، وانخفضت الإصابات الجديدة بمرض الإيدز بنسبة 40%، أي من 3.5 ملايين إصابة إلى 2.1 مليون، وانخفض المعدل العالمي للإصابة بالملاريا بنسبة 37%، وانخفض معدل الوفيات بسبب الملاريا بنسبة 58%. كما انخفضت الإصابات بالسل بنسبة 41%.
وفي مجال البيئة تخلص العالم نهائيا من استخدام المواد المضرة بطبقة الأوزون في الجو، ويتوقع أن تستعيد هذه الطبقة عافيتها بحلول منتصف القرن، وتزايدت نسبة السكان الذين يستخدمون مصادر محسنة من مياه الشرب من 76 إلى91%.
وفي مجال الشراكة العالمية تزايدت نسبة المعونات التي تقدمها الدول المتقدمة بنسبة 66% لتصل في العام 2014 إلى 135 مليار دولار، وتزايدت نسبة السلع التي تستوردها الدول المتقدمة من النامية بدون جمارك من 65 إلى 79%، ووصلت نسبة سكان العالم الذين يحصلون على خدمات الموبايل إلى 95%، وتزايدت نسبة مستخدمي الإنترنت من 6 إلى 43% ليصل عدد المستخدمين في العام 2015 إلى 3.2 مليارات نسمة.
وفي المقابل ما زالت هناك تحديات ومخاطر تهدد التنمية ومستوى المعيشة والاستقرار في العالم، فما زالت النساء يواجهن التمييز في العمل والدخل والمشاركة في القرار، إذ بينما تبلغ نسبة مشاركة الرجال في سوق العمل 75%، تبلغ نسبة مشاركة النساء 50%، ويقل ما تكسبه المرأة في عملها عن الرجل بنسبة 24%. وما زالت ثمة فجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء، ففي الدول النامية تصل فرصة الإصابة بالمرض والوفاة لدى أطفال أفقر 20% من السكان ضعف فرص الإصابة لدى الأطفال من فئة أغنى 20% من السكان.
وفي المجال البيئي تزايدت نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50%، ويفقد العالم مزيدا من الغابات، ويتزايد الاستهلاك الجائر للأسماك مما يهددها بالانقراض، ويطال شح المياه 40% من سكان العالم، وهي نسبة مرشحة للازدياد.
وتبقى النزاعات أكبر تهديد يواجه العالم اليوم، ففي نهاية العام 2014 كان قرابة 60 مليون إنسان قد هجروا من بلادهم، وهو أعلى رقم للمهجرين منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وقد تضاعفت معدلات اللجوء والتهجير في السنوات الخمس الأخيرة. وكمثال على عدم المساواة، يذكر التقرير أن 80% من سكان العالم يستخدمون 6% من ثروته، في حين يستأثر 1% بنصف الثروة.
وتنهك التنمية البشرية صدمات ومخاطر شتى، من أوبئة، ومشاكل صحية، وأزمات اقتصادية ومالية، وحالات انعدام الأمن الغذائي وأمن الطاقة. فقد أصبحت الأمراض غير المعدية أو المزمنة من المخاطر التي تهدد الصحة على الصعيد العالمي، إذ تودي بحياة 38 مليون شخص في السنة، ثلاثة أرباعهم تقريبا (28 مليونا) من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، ويعاني من السمنة نحو 30% (2.1 مليار) من سكان العالم، أكثر من ثلاثة أخماسهم في مناطق البلدان النامية.
وفي مختلف أنحاء العالم، يزداد تعرض المجتمعات لتداعيات تغيّر المناخ، ومنها خسارة التنوّع البيولوجي، وهو مصدر حياة للعديد من المجتمعات الفقيرة. ويعيش نحو 1.3 مليار من السكان على أراض هشّة، وتصيب أضرار الكوارث الطبيعية الملايين.
ويعمل 168 مليون طفل خلافا للقوانين، ونصفهم يعملون في ظروف خطرة، وتمتد ظروف الإكراه والخطورة إلى 21 مليونا من الرجال والنساء، وتعرض 4.5 ملايين إنسان للاستغلال الجنسي، وتقدر اقتصادات السخرة والإكراه (الاتجار بالبشر) بنحو 150 مليار دولار سنويا، ولا يزيد عليها في التجارة غير المشروعة سوى تجارة المخدرات. وانتشرت في العالم مؤخرا ظاهرة الاتجار بالمهاجرين غير النظاميين.
وتتقاضى شبكات المتاجرين المال من المهاجرين اليائسين الذين يحاولون عبور البحار والأراضي بطريقة غير نظامية إلى بلدان أخرى. وفي عام 2014، قضى نحو 3500 شخص -وربما أكثر بكثير- في البحر الأبيض المتوسّط جراء انقلاب أو غرق قوارب كانت تقلّهم إلى أوروبا. وتمتد الإساءة إلى العاملين في المنازل، ومعظمهم من النساء.
ولكن العامل الأكثر تأثيرا في اتجاهات العمل وطبيعته اليوم، مستمد من العولمة والحوسبة التي أنشأت أعمالا جديدة وقضت أو أضعفت أعمالا أخرى، وأنشأت أيضا أنظمة جديدة من العمل غير المنتظم أو العمل عن بعد.
ففي الأعوام العشرة الأخيرة، تضاعف حجم التجارة بالسلع والخدمات، ليصل إلى 24 تريليون دولار تقريبا عام 2014، بعد أن كان 13 تريليون دولار عام 2005. وتزايدت أيضا المكوّنات الرقمية في هذه الحركة التجارية. وتنتشر التقنية الرقمية بسرعة مذهلة، فقد تجاوز عدد مستخدمي الهاتف النقال سبعة مليارات إنسان، وعدد مستخدمي الإنترنت ثلاثة مليارات.
وتحرك الحوسبة اتجاهات جديدة من الابتكار والإبداع، وقد تضاعفت براءات الاختراع في مجال الحاسوب منذ العام 1990، كما أتاحت مجالات جديدة للمشاركة والعمل التطوعي من خلال الشبكة الافتراضية. ومن التقنيات الفاعلة في تغيير أنماط العملن التقنية السحابية، والطباعة المجسمة (الثلاثية الأبعاد)، والروبوت المتطور، وتخزين الطاقة، وحوسبة العمل المعرفي. فهذه التقنيات التي تعتمد على البرمجيات الذكية، ستحوّل تنظيم العمل المعرفي وإنتاجيته.
وتساعد الشبكية والحوسبة في تطوير قدرات الأفراد وتحقيق المساواة بين المدن والأرياف وبين الفئات والطبقات الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، كما تتيح للنساء وكبار السن المشاركة الاقتصادية، وقد استحدثت من خلال الشبكة مئات الملايين من الوظائف، ولكن التقنية الجديدة خفضت الطلب كثيرا على ذوي المهارات المنخفضة والمتوسطة، وأفسحت المجال للعمالة المتخصصة والماهرة. وتتجه إلى الاختفاء الأعمال ذات المهارات المتوسطة، ولم تتحقق بعدُ بشارات الحوسبة في زيادة الإنتاجية والأجور، وتناقصت حصة العاملين من الدخل.
يعرض التقرير أمثلة لوظائف وأعمال أصبحت معرضة للانقراض، مثل: العمل عبر الهاتف، والبحث المتخصص في مجال العقارات، والعمل في شبكات الصرف الصحي، والعمل الفني في الرياضيات، وضمان السندات في مجال التأمين، وإصلاح الساعات، والعمل في وكالة البضائع والشحن، وإعداد الضرائب، وتظهير الصورالفوتغرافية، والمساعدة في فتح حسابات جديدة، والعمل التقني في المكتبات، وإدخال البيانات، وتجميع أجهزة التوقيت، ومطالبات التأمين، والسمسرة، وتلقي الطلبات ومعالجتها، ومعالجة طلبات القروض، والتخمين في مجال التأمين، والتحكيم والإشراف في الأنشطة الرياضية.
وهناك فئة أخرى من الأعمال مهددة بالتراجع أو ستختفي بعد فترة من الزمن، مثل العلاج الترفيهي والصيانة، وإدارة الطوارئ، والعمل الاجتماعي في مجال الصحة النفسية والإدمان، ومعالجة مشاكل السمع، والعلاج الوظيفي، وتقويم العظام والأطراف الاصطناعية، والعمل الاجتماعي في الرعاية الصحية، وجراحة الفم والوجه والفكين، والإشراف المباشر على مكافحة النيران والوقاية منها، والتغذية، وإدارة السكن، وعلم النفس، وطب الأسنان، والطب والجراحة، وتنسيق التعليم، والإشراف المباشر على عمل الشرطة والتحقيق، والتعليم الابتدائي، باستثناء التعليم الخاص.
وفي ذلك فإن الأعمال ستصنف إلى ثلاث فئات: أعمال ملغاة ومتحولة ومستحدثة، فيتوقع أن يتسع نطاق العمل في النقل وسكة الحديد، والأعمال القائمة على الابتكار والتجديد وترشيد الموارد والطاقة، مثل تقنيات المياه والطاقة المتجددة والتكرير والتنقية، وتلغى الأعمال المستمدة من استنزاف الموارد الطبيعية والملوثة والمسؤولة عن انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. ومن الأعمال المتوقع استحداثها تقنية الطاقة الكهروضوئية الشمسية.
إن قياس الأهداف والإنجازات يساعد على تحقيقها، كما أن تحويلها إلى قضية عامة للتداول يحسن من البيانات المتعلقة بها، والجدل حولها يجعلها عرضة للمراجعة والمراقبة مما يحسن الأداء العام.
وقد حان الوقت ليشغل المثقف العربي نفسه بقضايا وأهداف التنمية العالمية والوطنية مهما كانت متخصصة أو مملة، ففي هذه المرحلة من العولمة والصراعات التي تخصنا في شرقنا الأوسط المنكوب نحتاج أكثر من غيرنا أن نكون جزءا من العالم نتقبله ويتقبلنا، ولعلنا نساعد أنفسنا في التحول من كوننا عبئا على أنفسنا وعلى العالم لنكون شركاء فيه.