بعد موسكو.. إلى نيويورك «دُرّ»!

تم نشره الخميس 17 كانون الأوّل / ديسمبر 2015 12:47 صباحاً
بعد موسكو.. إلى نيويورك «دُرّ»!
محمد خروب

أعاد لقاء موسكو الذي انتهى للتو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف مع جون كيري وزير الخارجية الاميركي، مسار الازمة السورية «التفاوضي».. الى سكته الصحيحة، بعد أن كاد لقاء بعض المعارضات السورية في الرياض ان يأخذها الى متاهة جديدة، ظن اصحاب الوثيقة التي اصدرها المجتمعون. ان بمقدورهم ليس فقط احتكار تمثيل المعارضة وانما ايضاً «تبييض» منظمات ارهابية لا تُؤمِن إلا بالذبح وسفك الدماء ولا ترى في سوريا سوى امارة اسلامية، ولم يكن توقيع بعضها»جيش الاسلام مثالا»على ما جاء في وثيقة الرياض، سوى ذر للرماد في العيون وشراء للوقت في انتظار الانقلاب على كل المصطلحات والرطانات التي وردت في الوثيقة من قبيل الديمقراطية والتعددية وخصوصاً دولة مدنية (وليس علمانية كما ورد في بيان فيينا1).

ما اتفقت عليه موسكو وواشنطن (إذا ما استمرت الاخيرة الالتزام به) يُمهِد الطريق لنجاح مؤتمر نيويورك المُقرّر انعقاده يوم غد الجمعة، حيث سيستند جدول اعمال لقاء المجموعة الدولية هذا، الى ما اتفقَ عليه الطرفان الروسي والاميركي، تمهيداً لاستصدار قرار من مجلس الأمن، يضمن وقفا لإطلاق النار والتحضير لطاولة المفاوضات, وخصوصا إذا ما جاء الاتفاق المأمول شاملاً وواضحاً وقابلاً للتنفيذ، ولم تُعرقِله العواصم الاقليمية او الدولية (وخصوصاً باريس).

لقاء المجموعة الدولية في نيويورك يوم غد الجمعة، يُؤسِس لمرحلة جديدة وربما يفتح الطريق على حل لهذه الأزمة المعقدة والتي لم يعد أحد يملك ترف مواصلة صب الزيت على نارها والتمسك ببعض الاوهام والترهات التي تخيلها في لحظة نشوة عابرة او تسريب استخباري ما، ظن بعدها، ان الطريق الى دمشق باتت سالكة ومفروشة بالورود.

فإذا به يكتشف الآن–وخصوصاً عرب الاقليم وأتراكِه–انه كان ضحية لعبة اكبر منه، وانه لا يلعب سوى دور الكومبارس، فيما السادة، عبر المحيطات وغرف السفارات السوداء، هم الذين يُقرِرون ويُمسِكون بالخيوط وليس امام الدمى غير الاستجابة والسير في الاتجاه الذي يُقرِره الممسكون بالخيوط والاتجاهات.

ليس ما نقوله شعراً او مجرد عرض عضلات لغوية وبلاغية أو حماسية، بل هو «الميادين» التي تتحدث عن ذلك، فضلاً عن القناعات او قل الاضطرارات التي دفعت بواشنطن ولندن (وليس باريس حتى الآن)، والى حد ما انقرة، رغم الضجيج والفذلكة الاعلامية التي ما يزال أردوغان واوغلو يتحدثان بها، الى تغيير مواقفها او الاتكاء على مفاهيم وثقافة «البراغماتية»، وبخاصة بعد ان دخلت موسكو على خط الأزمة في انخراط عسكري «وحربي» كامل، ما اجبر الجميع على الوقوف امام ساعة الحقيقة وبخاصة ان الخيارات قد ضاقت, ولم يعد السؤال عما اذا كان «النظام» الذي توهموا ان سقوطه مسألة وقت، سيبقى، بل في اي اطار وضمن اي شروط سيكون بمقدورهم «هم» ان يختاروا الاستمرار في المواجهة العسكرية ام الجلوس الى طاولة مفاوضات سياسية لا مكان فيها للتنظيمات المسلحة ولا دور للمُروِجين لدولة اسلاموية طائفية او مذهبية او ذات نزعة شوفينية تُلغي ثقافة وهويات «البازل» السوري.

هنا والآن.. يعود السؤال المنطقي والواقعي الى قاعدته الطبيعية.. مَنْ هي اطراف المعارضة السورية المؤهلة للجلوس الى طاولة المفاوضات مع النظام وفق نقاط بيان فيينا التسع (دع عنك حكاية جنيف 1 التي لم تعد قابلة للصرف, كما تتوهم معارضة خوجة وحسن عبدالعظيم واسلام علوش) وكيف السبيل الى تمثيل حقيقي ومؤثر؟ وليس كما تبتغيه وتروم اليه بعض العواصم الاقليمية عربية وغير عربية، ثم يأتي السؤال الاكثر اهمية واثراً والحاحاً وهو اي المنظمات المسلحة يمكن تصنيفها في قائمة المنظمات الارهابية ؟ ومَنْ هي تلك «الوطنية» التي تستطيع تحمل المسؤولية والاسهام في محاربة الارهاب ودحره؟ ووِفق اي معايير وعلى أي أسس؟.

هذه هي اسئلة مؤتمر نيويورك التي ستبقى أجوبتها مُعَلّقة حتى انفضاض الاجتماعات، وهي الاسئلة التي ما يزال داعمو الارهاب ورعاته يواصلون اطلاق قنابل الدخان وتسريب الشائعات للتهرب من الاجابة عليها والتستر على إمداد الارهابيين بالاسلحة المتطورة والتهديد بمواصلة (الحرب)، كي لا يتم حشرهم في الزاوية ودفعهم للاعتراف بهزيمة مشروعهم الرامي الى تقسيم سوريا واستتباعها لاطماعهم وخططهم الشريرة.

بلا اي تفاؤل مبالغ فيه نقول: اذا ما التزمت واشنطن بما أُتُفِقَ عليه في موسكو يوم اول من امس، فان عجلة حل الازمة السورية ستتحرك وربما تصل الى قاعة مجلس الأمن قبل رحيل العام الحالي.

(الرأي 2015-12-17)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات