ربيع الناتو وليفي والترليون

لو صدقنا ما يقوله الانجليز في مثل شعبي قديم وهو ان طائر سنونو واحدا يكفي لإعلان الربيع فإن تلك هي أرخص تكلفة اذا قورنت بالتكلفة الباهظة لما سمي الربيع العربي، وهي ما يقارب الترليون دولار والخمسة عشر مليون لاجىء، اما عدد القتلى فهو بانتظار حاسوب آخر اكثر ذكاء ودقة من حواسيب العرب العمياء . ولو حقق هذا الربيع واحدا بالألف مما وعدت به الشعارات لاستحق هذا المهر، لكن الاشياء تقاس قيمتها بنتائجها، والنتائج هي كالتالي : اولا : دول جرى تفكيكها وتدمير مؤسساتها وبنيتها التحتية وحتى أطلالها . ثانيا : شعوب تحولت من رعايا الى لاجئين ومشردين في القارات الخمس ورمت وراء ظهرها ما كانت تحفظه من مواعظ وأمثال وفي مقدمتها تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها . ثالثا : ما كان لكل هذه البثور المتقيحة والجيوب والمنظمات الارهابية ان تطفو على سطح الجلد لولا ان تعفُّنا اصاب الاحشاء وأفسد الدورتين معا : القومية والدموية . رابعا : استحق العرب في العقد الثاني من هذا القرن براءة اختراع هي ان الناتو يحرر المظلومين والاشقياء، ويحشو قنابل طائراته وصواريخه بمسحوق الديمقراطية ويجدد التعاقد بين سايكس بيكو بعد قرن بالتمام والكمال . خامسا : اعادة رسم التضاريس السياسية وكذلك التقاويم الزمنية بحيث يصبح الربيع خريفا والهديل نعيقا والشفق غسقا . فلأول مرة في التاريخ تقدم وصفة الاحتلال كعلاج للشلل الديموقراطي والطغيان السياسي, ولو نطق اسد بابل او احدى زقورات العراق لقال ما قاله ابو منصور الحلاج : اقتلوني يا ثقاتي ان في موتي حياتي سادسا : تحققت العدالة والوحدة والمساواة، فالعرب من شمالهم الى جنوبهم ومن شرقهم الى غربهم عراة وحفاة ولاجئون سواء في المنافي او في عقر الاوطان فأية عناقيد تلك التي تدلت على اغصان ربيع بلا سنونو ؟؟

(الدستور 2015-12-20)