مرزوق والمرزوقي.. أو «السيولة» في الحال الحزبية التونسية!

تم نشره الأربعاء 23rd كانون الأوّل / ديسمبر 2015 12:57 صباحاً
مرزوق والمرزوقي.. أو «السيولة» في الحال الحزبية التونسية!
محمد خروب

فيما أخذ التصّدُع طريقه إلى حزب نداء تونس «الحاكم» أو صاحب الأغلبية البرلمانية، بعد الاستقالة النهائية لأمينه العام محسن مرزوق، بعد محاولات مُضنية ولكن غير مجدية, بذلها قادة هذا الحزب الذي لم يعرف الاستقرار أو تثمير وجوده في البرلمان كحزب اول، لثنيه عن خروجه من الحزب، برز تطور لافت (وإن غير مثير) تمثل في محاولة الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي، العودة إلى الأضواء بعد ان غابت عنه أو انحسرت وتَفكُّك حزبه الذي قاده غداة انتصار الثورة، التي احتفلت قبل ايام بذكرى اندلاعها الخامسة، وهو حزب «المؤتمر من اجل الجمهورية»، ولم يعد للمرزوقي وحزبه اي دور في تونس بعد الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي خسِرها وخصوصاً تخلي حزب حركة النهضة عنه، رغم محاولاتها دعمه في الخفاء حتى تحول دون هيمنة»نداء تونس» على الموقعين الأهم البرلمان وقصر الرئاسة في سيدي بوسعيد، لكنها اكتشفت (النهضة) ان الرهان على حصان ضامر، هو علامة مسجلة للخسارة، فاختارت بانتهازيتها المعروفة,ان تلتحق بنداء تونس كشريك ائتلافي اصغر، كي تبقى في السلطة وتُدير من مواقعها الوزارية، خطة استعادة «عهد الترويكا» التي تحالفت فيه مع «دُمْيتن» جاءت بهما ستاراً وغطاء لتنفيذ برنامجها في «أسلمة تونس» وتحويلها بالتعاون مع اخوان مصر (ابان رئاسة مرسي) واخوان تركيا، مركزاً لأسلمة المنطقة وتمكين الاخوان من شطب الهوية العربية لصالح هوية اسلاموية معولمة، يكون فيها رجب طيب اردوغان الخليفة الجديد فيما تستعيد اسطنبول ثانية مكانتها كباب عالي.

ما علينا..

تشظَّى حزب نداء تونس , ولم يجد الرئيس الطاعن في السن الباجي قائد السبسي طريقة لـِ (لمِّ) شمل الحزب حتى بعد ان شكل لجنة «حكماء» من خارج الحزب لتطويق الخلافات، فآثر القيام برحلات خارجية تزجية للوقت ولكن بلبوس سياسي ودبلوماسية اقرب إلى العلاقات العامة منها إلى زيارات ذات جدوى على اي صعيد، ما دامت تونس تغرق في ازماتها السياسية والحزبية، ويتعمق العجز الاقتصادي وتتفاقم المشكلات الاجتماعية والامنية ويفرض الارهابيون جدول اعمالهم على المشهد التونسي، لكن بروز المنصف المرزوقي في هذه المناسبة (ذكرى خمس سنوات على الثورة) واشهاره حزباً جديداً خالعاً عليه اسماً لافتاً وغرائبياً حزب «حراك تونس الارادة» يزيد من طرافة المشهد السياسي والحزبي التونسي ويدفع للاعتقاد بأن الأزمة التي تضرب تونس على اكثر من صعيد، مُرَشّحة للتمدد افقياً وعامودياً وتأخذ تونس إلى مربعات الفوضى والعزوف الجماهيري المعلن، والذي قد يتخذ اشكالاً اخرى تتجاوز ما دأب عليه التوانسة من تنظيم للاحتجاجات أو الاضرابات أو العنف في مواجهة الشرطة والدرك وحتى الجيش، الذي ما يزال يواجه ارهاب الجماعات التكفيرية، ولم تَزَل اصداء تفجير حافلة الحرس الرئاسي تتردد في الفضاء التونسي، ولم تكن الاحتفالات الخجولة والمتوترة والمصحوبة بتدابير امنية صارمة التي تمت في مهد الثورة «سيدي بوزيد» بمحافظة القصرين بمناسبة مرور خمس سنوات على اندلاع الثورة، سوى الاشارة الدالة والدافعة على ان الجمهور التونسي قد اصابه اليأس وخاب امله في «بدائل» بن علي بـ (نُسَخِهِمْ) المختلفة بدءاً بالمرزوقي رئيساً وبن جعفر رئيساً للبرلمان والغنوشي أو حزب النهضة ممسكاً بخيوط اللعبة ولاعباً رئيسياً في تونس ما بعد بن علي في اطار «ترويكا» ترطن بالاسلاموية وتحاول عبر الغنوشي والمرزوقي «تصدير الثورة»، في لحظة انتشاء من الغنوشي بصعود نجم الاسلام السياسي، ونفاق من المرزوقي بركوب موجة الثورة للبروز كداعية للديمقراطية ومدافعاً عن حقوق الانسان ومحاولة مكشوفة بل مفضوحة لفرض «نموذجه» الغربي النيوليبرالي على الشعوب العربية عبر دعمه للارهابيين تحت ذرائع دعم الثورات الشعبية , كما فعل ازاء سوريا ملتقياً في انسجام وربما تنسيق مع الرئيس الاخواني في مصر محمد مرسي الذي اعلن «الجهاد في سوريا» مديراً ظهره لفلسطين وقضيتها التي تاجر بها الاخوان المسلمون خلال تسعة عقود تقريباً، وبنوا على جماجم شعبها ومستقبل اجيالها، تراثهم السياسي والحزبي.

محسن مرزوق، امين عام حزب نداء تونس السابق والمُنشق، وجّه ضربة موجعة لحزب الرئيس السبسي، الذي انحاز – في ما يبدو – لنجله «حافِظ» في صراع الاخير مع الرجل القوي واحد المؤسسين الرئيسيين للحزب محسن مرزوق، وخصوصاً انه «سَحَبَ» معه مجموعة مؤثرة من النواب والنشطاء والكوادر الحزبية التي ستمنح الحزب الجديد (الذي سيُشْهِره مرزوق) دعماً قوياً وربما كاسحاً، ما يعني ان الحزب «المُهلهل» الذي تَشَكَل من جماعات ومجموعات وافراد معظمها جاءت من «الدستوريين» اي حزب بن علي , في طريقه إلى الاختفاء أو الانقسام إلى اكثر من حزب ,ما قد يُخرجه من دائرة الاحزاب المُؤثرة والقوية، اما حزب المرزوقي الجديد «حراك تونس الارادة»، فسيبقى كالحزب السابق الهزيل «المؤتمر من اجل الجمهورية» ضعيفاً وغير قادر على جذب الجمهور التونسي الخائبة ظنونه بورثة نظام بن علي , وبخاصة ان حزب الرئيس السابق لم يطرح برنامجاً مختلفاً وجاذباً , وكرَّر العبارات ذاتها التي ملّ التوانسة سماعها من قبيل الديمقراطية والاصلاح, وهي مصطلحات معروفة ليس المهم قولها بل تطبيقها والنضال من أجلها.

*استدراك: كان المرزوقي قبل اشهُرٍ معدودات , أشْهَرَ حِزباً جديداً اسماه «حراك شعب المواطنين» ثم ها هو الآن يرفع راية حزب وليد آخر سمّاه «حراك تونس الارادة».. فأي خفة هذه واي حراكات... هذه؟

(الرأي 2015-12-23)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات