الوجود الروسي لمصلحة من؟

مللنا من تكرار المحللين لبديهية واضحة كالشمس ، ولا تحتاج للتأكيد ، وهي أن لروسيا مصالح حيوية في سوريا ، وأن هدفها حماية هذه المصالح.
هذا صحيح تماماً ، ولكنه ينطبق على جميع دول العالم التي تتصرف على ضوء ما تقتضيه مصالحها الوطنية.
نعم ، الوجود الروسي المتصاعد في سوريا يهدف لحماية مصالح روسيا الاستراتيجية بالدرجة الأولى ، السؤال ما إذا كانت مصالح روسيا في المنطقة تنسـجم أم تتعارض مع مصالح سوريا والدول المحيطة بها ، وفي المقدمة الأردن ولبنان والعراق وتركيا.
الواضح مبدئياً أن الدور الروسي الفعال في سوريا يتعارض مع مصالح وطموحات تركيا ، التي تريد تفكيك الدولة السورية وابتلاع أجزاء حيوية من شمالها ، تضاف إلى ما ابتلعته سابقاً من لواء الإسكندرون وديار بكر.
لكن الدور الروسي يخدم في الوقت ذاته مصالح الدول العربية الثلاث المحيطة بسوريا ، لأنه يشكل خط الدفاع الأول عن أمنها ، ويضعف أو يضع حداً لخطر امتداد الإرهاب إلى حدودها.
رب ضارة نافعة. إسقاط الطائرة الحربية الروسية من قبل تركيا كان وبالاً عليها ، إذ مهد الطريق لتصاعد وتعزيز الوجود الروسي ، فقد اضافت روسيا قاعدة ثابتة لها بقرب حمص إلى جانب القاعدة الأولى بقرب اللاذقية ، ونصبت نظام صواريخ متطوراً وقادراً على ضرب أهداف جوية ، ليس في سماء سوريا فقط ، بل في أجواء منطقة شرق البحر المتوسط ومعظم تركيا ، مما يؤمن لها قدرة على فرض حظر جوي في المنطقة ، وليس من قبيل الصدفة أن الطائرات التركية لم تعد تقترب من أجواء سوريا.
يقدر الخبراء أن روسـيا تحتفظ في سوريا بحوالي 30 طائرة حربية ، و15 طائرة مروحية ضاربة. وفي الطريق زيادة العدد إلى 100 طائرة بعد إنشاء قاعدة حمص ، كما نشرت روسيا أيضاً ثماني سفن حربية في مواجهة الساحل السوري ، واحدة منها على الأقل قادرة على إطلاق صواريخ كروز بعيدة المدى.
بهذا الوجود الروسي القوي وغير المتردد ، لم يتم تغيير ميزان القوى لصالح النظام السوري فقط ، بل أعطى النظام قوة إضافية في مفاوضات السلام بين الحكومة السورية والمعارضة المسلحة ، التي من المقرر أن تبدأ في مطلع الشهر القادم.
(الرأي 2015-12-25)