عقدة الكلب الأسود!

رغم انني لا احب الصاق صفة السواد بالبشر او الحيوان في سياق سلبي له فحيح عنصري، الا ان عقدة الكلب الاسود مصطلح سايكولوجي والمقصود به ان هناك نماذج بشرية تصاب بالاكتئاب بشكل مرضي وليس عابرا، وممن استخدموا هذا المصطلح ونستون تشرشل الذي كان يكتب الشعر ويرسم اضافة الى كونه رئيسا لوزراء بريطانيا، وكان تشرشل وكذلك نابليون وغيرهما من قادة العالم يصابون بنوبات من الكآبة وهي التي اطلق عليها الكلب الاسود، فهو يظهر ثم يختفي ويعاود الظهور، الى ان تأتي لحظة يصبح فيها كالظل خلف صاحبه، وعندئذ يبدأ خطر الانتحار! ولا أظن ان كائنا منا لا يصطحب كلبا اسود ولو لمرات قليلة في العُمر، والمسألة لا علاقة لها بالتشاؤم والتفاؤل، فمقابل من يتشاءمون من القط الاسود او البوم هناك من يتفاءلون بهذه الكائنات ويتبادلونها كهدايا في مناسبات سعيدة. وحبذا لو يطلق الناس اسم الأخضر على الاسود لأن الاخضر جذر السواد لهذا قيل عن ارض العراق ذات يوم انها ارض السّواد لشدة اخضراراها، واذكر انني التقيت الرئيس التنزاني جوليوس نيريري ذات مناسبة ودار حديث حول عنصرية الرجل الابيض، وحول الشعراء الافارقة الكبار من طراز سيزير وسنجور الذي كان رئيسا للسنغال وقلت لنيريري: إن سارتر كتب عن هؤلاء قائلا، انهم بيض يرشح منهم الضوء وليس الاوهام الآرية، ومما قلته للرجل الذي اختتم حياته في الامم المتحدة مدافعا عن حقوق المعذبين في الأرض: ان امي وبّختني حين كنت طفلا لأنني قلت عن امرأة سوداء اللون انها سوداء وقالت لي، انها اخضرانية، ومنذ ذلك اليوم وانا ارى ما هو اخضر في عمق السواد سواء كان انسانا او قطا او حجرا كريما!!. لكن الكلب الأسود بمعناه الرمزي ودلالته النفسية يرمز الى حالات نعيشها، ونتحرر منها لكنها حين تتكرر تنذر بما هو ليس محسوبا او متوقعا، وبالطبع سيبدو المشهد كوميديا اذا تصور المتفائلون ان هناك كلبا ابيض يتبعهم فالمسألة ليست بهذا الثنائية الساذجة، ولو استطردنا في قبول ما يرمز اليه الكلب الأسود في علم النفس فإن عدد هذه الكلاب يقارب عدد الناس في ايامنا، لأنها ايام عجاف ظاهرها رخام وباطنها سُخام !!.
(الدستور 2015-12-27)