بشار.. أسد من فلسطين

هو مقاوم، قاوم عتاة المتغطرسين على وجه المعمورة. مناضل أبى أن يسلّم بالأمر الواقع، ورفض أن تنحرف بوصلته، فصاح في وجه الظلم لا، وقال لقوى الاستعمار والتمدد والغطرسة كفاكم. وهو فوق كل ذلك شاب تشرّب القوة والعنفوان من مدرسة أبيه، فما بدل تبديلا، ومضى على دربه يرفض الهوان والانكسار.
هو حكاية كل مقاوم وشهيد وثائر وأسير، وقصة كل من أراد أن يخط في هذا الزمان سيمفونية عشق للأرض والوطن، فجُبل على حب بلاده، وتربى في مدارس رجولتها، وتعلم في مدرسة الأسرى- وهم كثر- معاني الرجولة، وزادته دماء إخوته الشهداء تصميما وإباء، وتضحيات أبيه قوة وعنفوانا.
هو شاب اسمه بشار عبدالعليم من شباب الخليل، استحضره للدلالة على كل أقرانه، في حبهم لأرضهم، فهو كما غيره، يعرف أن حارات بلاده وأسوارها وشوارعها العتيقة له، وأن كل الأرض له، ويعرف يقينا أن مدارج الصبا له، كما كانت لأبيه ولجده، وأن بيارات الخليل، التي تسقى يوميا بدماء شهداء يسطرون ملاحم بطولية، له، وأن عنب الخليل طيبا وحلوا لأبنائها، وحصرما في جوف الأعداء.
بشار واحد من بين مئات المعتقلين إداريا بلا تهمة، في سجون الكيان الصهيوني، وكما حال أغلبهم، يجدد بحقه الاعتقال الاداري مرات ومرات، حتى شارف اعتقاله اداريا على عامين بلا إطلاق سراح.
اعتقل بشار، الذي سبق له أن حكم بتاريخ 2007 بالسجن لمدة 42 شهراً فعلياً، و30 شهراً مع وقف التنفيذ لمدة خمس سنوات، اعتقل إداريا بتاريخ 20 /4 /2014، وما يزال حتى اليوم معتقلا إداريا، وبطبيعة الحال لا سبب للاعتقال بقدر ما هي عنجهية كيان يرقص مستوطنوه طربا لحرق عائلة الدوابشة، وتغمض بلاد العم سام عنه العين والجفن والسمع، فيقتل كيفما اتفق، ويحرق كيفما اتفق، ويهدم البيوت كيفما اتفق، ويدنس افراح الميلاد كيفما اتفق، ويعتقل إداريا كيفما اتفق.
فقوات الاحتلال الصهيوني تقوم بالاعتقال الإداري من دون لائحة اتهام، أو سبب مادي ملموس، ومن دون محاكمة حقيقية، فالحكم يصدر بلا حاجة إلى اعترافات، أو إثباتات، حتى وصل عدد حالات الاعتقال الإداري لأكثر من 3000 حالة، من دون توجيه لائحة اتهام، وقد جدد هذا الاعتقال المحرم دولياً لحوالي 150 أسيرا أكثر من 3 مرات، بعضهم جدد له الاعتقال 15 مرة على التوالي.
بشار حالة من بين آلاف الحالات في الأرض المحتلة، التي تعاني عنجهية صهيونية متواصلة، وعنصرية بغيضة، ونازية أشرس من نازية هتلر وأعوانه، فماذا يمكن أن يقال بحق كيان فاشستي، يصفي ضحيته أمام العالم وأمام عدسات التلفاز بدم بارد؟! وماذا يمكن ان يقال بحق كيان يرفض الاعتراف بحق الآخر في الوجود، ويعمل على قتله واقتلاعه من أرضه وأرض أجداده؟! وماذا يمكن أن يقال بحق ممارسات صهيونية داعشية تأصلت في نفوس مستوطنين يرقصون فرحا على مشاهد الحرق ويطربون لها؟! وماذا يمكن ان يقال بحق منظمات صهيونية تعتبر الفلسطيني مهما كانت ديانته خطرا عليها؟! كما فعلت منظمة "لهافا" المتطرفة العنصرية التي طالبت بطرد الفلسطينيين المسيحيين من فلسطين التاريخية، من خلال تظاهرة نظمتها احتجاجاً على فعاليات جمعية الشبان المسيحية في القدس الغربية للاحتفال بعيد ميلاد السيد المسيح.
بحقكم بماذا تختلف هذه المنظمات العنصرية الفاشية عن "داعش"، وماذا يختلف كلام "داعش" عما قاله زعيم تلك المنظمة، المدعو بنتسي غوبشتاين، والذي طالب بحرق الكنائس في "إسرائيل"، فالإرهاب والفكر المنحرف لا دين له، ويمكن ان يأتي بألوان وأشكال مختلفة!
فيا بشار... أقول لك أنت ورفاقك المعتقلين اداريا، وكل الاسرى في سجون الاحتلال الصهيوني، وعلى رأسهم الأسير الأردني عبدالله ابو جابر، المضرب عن الطعام منذ 47 يوما، ولكل المعتقلين الباحثين عن شمس الحرية، أنتم أسود، فلا هنت ولا هانوا، وما بدلت، وما بدلوا، وما انحرفت بوصلتكم، فلك ولأقرانك ولكل الشهداء، مليون تحية وسلام، ولفلسطين مهد الميلاد وحاضنته، وسيدة المعراج والمسرى الحرية.
(الغد 2015-12-28)