ميلاد مجيد.. وعام مفيد

ساعات قليلة، ويهل علينا عام جديد، وكنا قد احتفلنا قبل أيام بعيد ميلاد السيد المسيح، وسبقه بأيام عيد المولد النبوي الشريف، فكل عام وشعوبنا بخير وسعادة، ومحبة وعدل ومساواة وحرية وانسانية.

يهل علينا العام 2016، ونأمل أن يكون مفيدا، يحمل في طياته أحداثا جديدة، ويزيح عن كاهلنا أعباء عام سبقه، حملت أشهره هموما وفتنا وانحيازات، وانقسامات واصطفافات، وأفكارا داعشية، ورفضا للآخر، وابتعادا عن الانسانية، وقتلا على الهوية والطائفة والمعتقد.

لم يكن العام 2015 مفيدا على كل المستويات، فعلى المستوى المحلي زادت الأعباء المعيشية على المواطن، في ظل متوالية ارتفاع الأسعار، وتدني مستوى الخدمات، وارتفاع وتيرة العنف، وتعاطي المخدرات، وتزايد الاصطفافات المحورية، وارتفاع الحديث عن الفساد والمفسدين من دون نتيجة مرئية أو ملموسة.

سياسيا، لم يكن عامنا، الذي يلملم أغراضه استعدادا للرحيل، ذا حضور سياسي بارز، باستثناء تقديم مشروع قانون جديد للانتخاب، بأمل أن يكون المجلس التشريعي المقبل أوسع تمثيلا، وأكثر حضورا.

اقتصاديا، ارتفعت المديونية، وزادت معها مستويات الضغط على كاهل المواطن، فتحمل المواطن كثيرا بأمل الخروج من عنق الزجاجة، ولكن للاسف لا المديونية انخفضت، ولم يبق للمواطن خصر يشد عليه حزامه.

اجتماعيا، دائرة العنف الاجتماعي حضرت، وتعددت جرائم القتل والتعدي على رجال الأمن والدرك والجمرك، فيما زادت حالات الكشف عن تجار مخدرات، وتهريبها وزراعتها وتعاطيها، وهذا يجعلنا أكثر تفاؤلا بضبط كل الحالات وتقليم امتداداتها الداخلية والخارجية، وملاحقة كل الخارجين عن القانون، أينما كانوا وفي اي مكان وجدوا.

ثقافيا، ما نزال نعاني من ابتعاد حكومتنا عن الاهتمام بالشأن الثقافي والإنساني، وغياب مسرح حقيقي متواصل، وغياب الدراما الاأردنية المنافسة بسبب تدني الإمكانيات.

رياضيا، لم يسجل العام 2015 أي إنجاز يذكر، بل تراجع مستوى منتخبنا الوطني، فيما ملاعبنا متهلهلة، وكأنها ترابية أو أقل من ذلك، وفرقنا الرياضية تعاني من تدني الإمكانيات، وغياب المستوى والحرفية.

الخبر الأهم، أنه رغم كل ما يحيط بنا من بؤر ملتهبة، وأفكار خارجة، فإننا احتفظنا بأمننا واستقرارنا ولحمتنا الداخلية، وتكاتف بيتنا الداخلي.

أما على المستوى العربي والإقليمي، فإن الحدث الأبرز الذي حمله العام 2015 كان انطلاق هبّة الشعب الفلسطيني على طريق التحرر والبحث عن الاستقلال، وهي هبة غاب عنها العرب، وحضر الفتى والفتاة الفلسطينيان بكل قوة لتذكير العالم بحقهما في الحرية والاستقلال، وبما يؤشر إلى عنجهية وعنصرية وفاشية كيان صهيوني، يرفض الاعتراف بالآخر وحقه بالوجود.

على المستوى العربي، ما نزال نعاني من تفرقة مذهبية وطائفية، وأفكار داعشية سلفية، باتت تستوطن في نفوس وعقول البعض، حتى بات مثل أولئك يرفضون الآخر، ولا يؤمنون بالعيش المشترك.

فيما ودعنا العام، واليمن يعاني حربا لا منتهية، ومصر تضربها الفرقة، ولبنان بلا رئيس، والعراق يعاني خطر تنظيمات متطرفة سوداوية، والسودان يعيش مرارة القسمة، وليبيا تعيث فيها قوى الإرهاب فسادا، وتونس تحاول الوقوف، والجزائر لها من الإرهاب نصيب، وسورية حاولت قوى التكفير والظلام خطفها، والحمد لله لم تصل لمرادها.

الأمل أن يكون العام 2016 مفيدا، فتنخفض مديونيتنا، ويشعر المواطن ببحبوحة ملموسة، ونواصل حراسة الوطن بالعيون والمهج، ونبعده عن كل خطر متطرف.

أمنيتنا بعام آخر، يحمل فرجا لأهل فلسطين، وانتصارا لسورية الدولة على قوى الإرهاب، أمثال "داعش" والنصرة وجيش الاسلام، وغيرها من تلك القوى، التي لا تريد لسورية خيرا، ولا لأهلها استقرارا وسلاما، وأن يبقى الجيش السوري موحدا، والمؤسسات السورية قائمة، والكيان السوري عصيا على الانقسام، وأن تعود تدمر والرقة وغيرها إلى حضن الوطن السوري، وأن يعيد العراق الموصل لأحضانه، ويتوقف القتل في اليمن، وتنعم مصر وتونس والجزائر ولبنان براحة وأمان.

لا نملك إلا أن نحلم، بأن يكون العام المقبل مختلفا وسعيدا، العام الذي سيرحل بعد ساعات، وأن نتمنى السعادة للجميع، فكل عام وأنتم بألف خير.

(الغد 2015-12-30)