"رجل الأردن" 2015!

تستحق كثير من الشخصيات لقب "رجل الأردن" للعام 2015. إلاّ أنّني أرشّح من جهتي المهندس حسام الطراونة؛ مؤسس ومدير نادي الإبداع في الكرك، ليكون هو رجل الأردن 2015، لما للمهمة التي يقوم بها حالياً من دور كبير في الكرك والمحافظات المجاورة من "إنقاذ" للأجيال المقبلة، و"حماية" لهم من الوقوع في حبال اليأس والإحباط والاتكالية والكسل.
نادي الإبداع ليس دعاية سياسية أو هيكلا رسميا بلا أي قيمة حقيقية، بل بجهود المؤسس وهمّته العالية وإخلاصه للفكرة، حوّله لمنصة متقدمة للإبداع، واستقبال طاقات الصغار والشباب في الرسم والموسيقى والعلوم والاختراعات والمشروعات والأدب؛ أطلق لهم العنان، بعدما وفّر لهم البيئة المناسبة المثالية لذلك، فأصبحوا ينافسون في المسابقات العلمية العالمية، ويحوزون مراكز متقدمة.
بجهود شخص واحد فقط، ومعه عصبة تؤمن بهذه الأفكار الخلاّقة والمبدعة، تحوّل نادي الإبداع إلى إنجاز وطني حقيقي. وأنا أتابع ما يصدر عنه من أنشطة وفيديوهات وقصص نجاح، وأشعر بالفعل بالاعتزاز والفخر بهذا الرجل، الذي حوّل وفاة ابنه المبدع الشاب الصغير، وما نجم عنها من طاقة سلبية مسكونة بالحزن والألم الشديد، إلى طاقة إيجابية متحركة وفعّالة لمساعدة المبدعين والمتميزين، وكل من يريد أن يجد له مكاناً تحت الشمس ليبدع فيه!
ما أرجوه في العام الجديد، وأدعو له (هنا)، هو تدشين حملة وطنية بهذا الاتجاه؛ أي أن يتم تعميم واستنساخ نموذج نادي الإبداع في الكرك في باقي محافظات المملكة، ودعمه من قبل القطاع الخاص والمعنيين من المجتمع المدني، وأن يُعهد لحسام طراونة الإشراف على هذه المراكز التي توجّه الأطفال والشباب نحو العمل النافع المبدع المنتج، بدلاً من الفراغ وما ينجم عنه من طاقة سلبية تدفع بهم إلى أحضان التطرف الديني أو المخدرات والانحرافات الشبيهة بذلك.
اليوم، جيل الصغار والشباب هو تحدٍّ حقيقي، وفي الوقت نفسه خطر داهم إن لم نحسن التعامل معه، إذ يمكن أن يكون بمثابة القنبلة الموقوتة جراء الظروف السياسية والثقافية والاقتصادية/ الاجتماعية. والتعليم لدينا قاصر وغير قادر على مواجهة هذه التحديات. أما مؤسسات الدولة القائمة فتعاني من ضعف شديد ومحدودية في التطوير والموارد. وكل ذلك يجعل من مشروع "نادي الإبداع" نموذجاً مهماً يلهم الجميع لإنجازات حقيقية ملموسة يمكن أن تتحقق، بدلاً من أن نكتفي جميعاً بالتأفّف وضرب يد بيد، ونحن نتحدث عن المخاطر على القيم الأخلاقية في المجتمع!
أدعو البنوك والشركات والقطاع الخاص عموماً، وغيرهم، لدعم تطوير وتعميم نموذج "نادي الإبداع" في الكرك، أو على الأقل المبادرات المشاكلة له، التي تهتم بالشريحة الاجتماعية الواسعة، التي لا تتيح لها إمكاناتها الانخراط في أندية ثقافية أو رياضية أو تعليمية تتطلب مبالغ ورسوما عالية، أو مدارس خاصة تدرّس المفاهيم والمناهج الدولية المتميزة؛ فعلى الأقل تتاح لهم الفرصة العادلة عبر هذا النموذج وغيره.
من هذه النماذج الناجحة، لكنها لا تلقى اهتماماً إعلامياً ومجتمعياً موازياً، مشروع "رواد التنمية". وهو مشروع إقليمي معني بالمناطق المهمّشة، تجاوز في حدوده الأردن، إلى دول عربية أخرى، ويعمل على تطوير طاقات وإبداعات الشباب في مناطق محرومة ومهمّشة، وعلى المساعدة في التدريب وتوفير فرص العمل، ويخرج مئات الشباب سنوياً.
الجميل في هذا المشروع، أردنياً، الذي تديره سمر دودين، ويدعمه رجل الأعمال المعروف فادي غندور، أنّ مقرّه ومركزه، ومكتب مديرته، تقع في قلب جبل النظيف، في عمان الشرقية، وسط حيّ شعبي، ما يضعهم في قلب التحدي والعمل.
حسام الطراونة ورفاق الدرب ممن يعملون في التنمية المجتمعية الحقيقية، هم فرسان العام 2015.
(الغد 2016-01-01)