محاور خطبة الجمعة المقترحة : الأردنُّ إصرارٌ وتضحيةٌ في محاربةِ الإرهاب
المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة بتاريخ 8/1/2016 ، ، والتي حملت عنوان : "الأردنُّ إصرارٌ وتضحيةٌ في محاربةِ الإرهاب" .
وتاليا محاور الخطبة :
• خلق الله البشرَ ليعبدوه، وأورَثهم الأرضَ ليوحِّدوه، وأرسلَ إليهم رسُلاً، وشرع لهم شرائعَ تناسِبُ فطرتَهم وطبيعتَهم، كلُّ أمّةٍ بحَسَب حالها، وبُنِيت على جَلبِ المصالحِ ودَرْءِ المفاسدِ والتيسيرِ ودَفعِ المشقّة، قال تعالى: (وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ) [الحج:78]، وقال تعالى: (يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمْ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمْ الْعُسْر) [البقرة:185]. أي: أنه جاءَ بالتيسيرِ والسماحةِ والرِّفق ورفعِ الحرَج، كما قال النبيّ – صلى الله عليه سلم - لأميرَيه معاذٍ وأبي موسى الأشعريّ رضي الله عنهما لـمَّا بعثهما إلى اليمَن: (يسِّرا ولا تعسِّرا، وبشِّرا ولا تنفِّرا، وتطاوعَا ولا تختلِفا) رواه البخاري.
• لقد أمرَ اللهُ سبحانَه وتعالى عبادَه بالاستقامةِ والاعتدالِ، ونهاهم عن الغلوِّ والانحلال، قال اللهُ تعالى: (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ). وتُعدُّ الوسطيةُ في كلِّ الأمورِ من أهمِّ مزايا الشرائعِ السماويّة، وأمةُ الإسلامِ أمةُ الوسطِ والصراطِ المستقيمِ. قال سبحانه وتعالى: (وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَةً وسَطَاً). وقد جاءَ الدينُ الإسلاميُّ باليُسْرِ والتيسيرِ، ونهى عن الغلوِّ فيه والتشدُّدِ، ودعا إلى الرأفةِ والرحمةِ والرفقِ بالنفسِ ومدحِ التوسطِ والاعتدالِ في كلِّ شيء، قال رسول -الله صلى الله عليه وسلم-: (إيّاكم والغلوَّ في الدينِ؛ فإنما أَهلَكَ من كان قبلَكم الغلوُّ في الدين).
• قد شاركتِ المملكةُ الأردنيةُ الهاشميةُ دولَ العالمِ في محاربةِ الفكرِ الخارجيِّ المتطرف، وجهودُ جلالةِ الملكِ عبدِ اللهِ الثاني بنِ الحسينِ حفظه اللهُ ورعاهُ في نقضِ أصولِ التطرفِ ومحاربةِ الإرهابِ واضحةٌ جليةٌ، تردَّدَتْ أصداؤها واكتملتْ معانيها في كثيرٍ من المحافلِ الدولية. من خلال الدعوةِ إلى التسامحِ والاعتدالِ وبيانِ حقيقةِ الخوارجِ وفضحِ أعمالهم ودوافعِهم من أجلِ السيطرةِ على أموالِ الناسِ وأرضِهم، وتحريفِ كلامِ الله تعالى وتجنيدِ الأبرياءِ والضعفاءِ واستغلالهم. فكانت دعوةُ جلالةِ الملكِ حفظه الله إلى المحبةِ والسلامِ والعدلِ والتراحم، وبيانِ صورةِ الإسلامِ السمحةِ المشرقة.
• إنَّ موقفَ الأردنيينَ في مواجهةِ الإرهابِ والتطرفِ والتكفيريين نابعٌ من العقيدةِ الإسلاميةِ التي تدعو إلى الوحدةِ ورصّ الصفوفِ في الدفاعِ عن الدينِ الإسلاميِّ وما يتعرضُ له من تشويهِ وتحريفِ على أيدي أناسٍ فعلوا المحرّماتِ وارتكبوا الموبقاتِ وسفكوا الدماءَ وانتهكوا أعراضَ الأبرياءِ والآمنين، وألصقوا بالإسلامِ زُوراً وبهتاناً ما ليسَ فيه، وألبَسوا أعمالَهم لباسَ الدينِ وهو منها براءٌ، وقد حثّتْ نصوصُ الشرعِ الحكيمِ على تبنّي منهجِ الوسطيةِ والاعتدالِ والتمسكِ بجميعِ تعاليمِ الإسلامِ السمحةِ المتسامحةِ في العبادةِ والسلوكِ والمعاملةِ ونبذِ الغلوِّ والتطرفِ والتنطّع. وفي سبيلِ تحقيقِ ذلك حاربَ الإسلامُ كلَّ منهجٍ ضالٍّ يبدِّدُ أمنَ المجتمعِ ويعكّرُ صفوَ ألفتِه، وتصدَّى لكلِّ فكرٍ منحرفٍ متطرفٍ يُتلفُ العقولَ ويفسدُ المفاهيمَ ويُخرجُ المصطلحاتِ عن معانيها الصحيحة.
• وقد شاركَ جيشُنا العربيُّ الباسلُ الأمةَ ودولَ العالمِ في محاربةِ التطرفِ والإرهابِ، وقدّمَ التضحياتِ، كما قدّمها بالأمسِ على ثَرى القدسِ دفاعاً عن بيتِ المقدسِ وأكنافِه، اختلطتْ دماؤه بدماءِ إخوانِه المجاهدين في سبيلِ الحقّ. وما زالَ الجيشُ الأردنيُّ شامخاً ومدافعاً عن ثَرى الأردنِّ حامياً لحدودِه مرابطاً على الثغورِ من أجلِ الوطنِ واستقرارِه وسلامةِ أبنائه، فهم بذلك يستحقّونَ المرتبةَ العاليةَ والشكرَ والثناءَ والتقديرَ على جهودِهم، قال عليه الصلاةُ والسلام: (عينانِ لا تمسُّهما النارُ: عَينٌ بكتْ من خشيةِ الله، وعينٌ باتتْ تحرُسُ في سبيلِ الله).
• وفي هذه الأيامِ تمرُّ الذكرى السنويةُ الأولى لاستشهادِ "معاذِ الكساسبة" الجنديِّ الأردنيِّ الطيّار، الذي شاركَ في معاركِ البطولةِ ومحاربةِ عصاباتِ الإرهاب، لصدّ خطرِها عن الأمة، هذه العصاباتِ التي تكفّرُ الأمة، وتستبيح دمَ من لا يقف في صفّها، هدفُها تدميرُ الأمةِ وتمزيقُها.ولقد أظهر الأردنيون وحدتهم وسيرهم خلف قيادتهم الهاشمية في حادثة استشهاد الطيار البطل ،وفي مواجهة هذا المصاب الجلل الذي يكشف حقيقة هذه الجماعات الإرهابية وأفعالها الشنيعة التي تخالف التعاليم الشرعية، والمواثيق الدولية التي تحافظ على حياة الإنسان وتحث على إكرامه والإحسان إليه كما قال تعالى:(ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا) .وقال عليه الصلاة والسلام:(فكوا العاني، وأطعموا الجائع ، وعودوا المرضى).
• إنّ الإرهابَ جريمةٌ عالميةٌ لا تعرِفُ وطناً ولا أمّة، ولا تنحصِرُ في زمان، الإرهابُ هو الفسادُ في الأرضِ وحبُّ الإضرارِ بالناس، انتقاماً منهم أو تكفيراً لهم. ويروي لنا البخاريُّ في صحيحه أنَّ فئةً جاءتْ إلى المدينةِ المنورةِ وفيها من الفقرِ والبأسِ والحاجةِ والشدة، فجعلَ النبيُّ - صلى الله عليه وسلم- يدعو المسلمينَ أن يتصدَّقوا عليهم، ليَكسوا عُرْيَهم، ويُشبِعوا بطونَهم، وطلبَ منهم أن يَلحقوا بإبلِ الصدقةِ ليشربوا من ألبانها، ويستفيدوا منها، ويعيشوا معَ رُعاتها، فلمّا صحَّتْ أبدانُهم وزانتْ أحوالُهم بغَوا وطغَوا فقتلوا رعاة النبي -صلى الله عليه وسلم-، واستاقوا الإبلَ، فأرسلَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- في أثَرِهم، فجِيءَ بهم إلى المدينة، وأقيمَ عليهمُ حدُّ محاربةِ اللهِ ورسولِهِ والمؤمنين، جزاءً وفاقًا لعملِهمُ الإرهابيِّ القائمِ على التخريبِ والإفسادِ في الأرضِ. قال اللهُ تعالى: "إنما جزاءُ الذينَ يحاربونَ اللهَ ورسولَه ويسعَونَ في الأرضِ فساداً أن يُقَتّلوا أو يُصَلّبوا أو تُقَطَّعَ أيديهم وأرجلُهم مِنْ خِلافٍ أو يُنفَوا من الأرض". هذا جزاءُ مَنْ يقتلونَ المؤمنينَ ويُروّعونَ الآمنين، ويُفسِدونَ في ديارِ الإسلامِ والمسلمين، وهم جبناءُ أذِلّاءُ لا يستطيعونَ أن يُقارعوا الحُجَّةَ بالحُجَّة، فيلجؤونَ إلى الخيانةِ والغَدْر.
• إنّ الغلوَّ يبدأُ بالتشدّدِ في التديّنِ والعباداتِ، جَرّاءَ سُوءِ فَهْمِ مَقاصِدِ الدِّينِ والجهلِ بأحكامِه وتعاليمِه. وقد حذّرَ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من هذا فقال: (يا أيها الناسُ: إيّاكم والغلوَّ في الدينِ؛ فإنما أَهلَكَ من كانَ قبلَكم: الغلوُّ في الدين) رواه أبو داود.
• لقدْ كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يحثُّ على القَصْدِ والاعتدالِ في الأمورِ كلِّها، فقالَ لمعاذٍ رضيَ اللهُ عنه لمّا أطالَ بالناسِ في الصلاةِ: ((أفتَّان أنت يا معاذ؟!)) رواه النَّسائيُّ وأحمدُ. وقال: (سدِّدوا وقارِبوا، واغدُوا ورُوحوا، وشيءٌ مِنَ الدُّلجة، والقَصْدَ القَصْدَ تبلغوا)) رواه البخاريّ، وردَّ على من أراد التبتُّلَ وهَجْرَ النساءِ والانقطاعَ للعبادةِ بقوله: (مَنْ رغِب عن سنّتي فليس منّي) رواه مسلم.
• دعت الشريعة الإسلامية إلى الوحدة والائتلاف ونهت عن الفرقة والاختلاف كما قال تعالى: (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) وكما قال عليه الصلاة والسلام: (مثل المؤمنين فى توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى). وقد خالفت الجماعات التكفيرية هذه النصوص الشرعية، وعملت على تمزيق الأمة الإسلامية، وإضعاف وحدتها وتدمير مقدراتها، وكل ذلك لا يخدم إلا مصلحة أعداء الأمة.