حاصِر مضايا .. لا مفرُّ

تم نشره الجمعة 08 كانون الثّاني / يناير 2016 01:18 صباحاً
حاصِر مضايا .. لا مفرُّ
حسام عيتاني

لا مقامات مقدسة في مضايا. وليست البلدة السورية بقريبة من الحدود السورية- اللبنانية بحيث يُخشى تسلل انتحارييها إلى الداخل اللبناني. ولا أقليات طائفية فيها تتعين حمايتها من بطش التكفيريين. رغم ذلك، لا يجد مسلحون لبنانيون عيباً في إماتة أهل البلدة المحاصرة منذ أكثر من سبعة شهور، جوعاً ومرضا.

كذّبَ إعلام «حزب الله» الحربي في بيان له أمس الأول، الاتهامات بالتسبب في تجويع أهالي المدينة محمّلاً المسؤولية إلى قادة «الجماعات الإرهابية المسلحة» المنتشرين في مضايا باسترهان المدنيين وحبس المواد الغذائية عنهم. كما ذكر الإعلاميون الحربيون أن المسلحين في البلدة سبق أن ذبحوا عدداً من عناصر الجيش السوري وشاركوا في المعارك التي شهدتها بلدة الزبداني المجاورة. وطمأنوا إلى أن كمية من المساعدات ستصل مضايا في الأيام القليلة المقبلة في إطار اتفاق «الزبداني- كفريا- الفوعة».

نسلم جدلاً بصحة ما جاء في البيان، بيد أن صحته (المفترضة) لا تجيب عن التساؤل عما يفعله المسلحون اللبنانيون على الأراضي السورية، ومن هي الجهة التي فوضتهم حل النزاعات بين سكان مضايا وبين «قادة الجماعات الإرهابية» من جهة وبين هؤلاء وبين عناصر الجيش السوري من جهة ثانية.

تتعارض هذه الأسئلة مع الطبيعة الاضطرارية التي برر بها «حزب الله» زجّ الآلاف من عناصره في الحرب السورية، تارة بذريعة الدفاع عن المقامات المقدسة وطوراً بحجة حماية القرى الشيعية قرب القصيْر، وحيناً بهدف منع تسلل الإرهابيين إلى لبنان، وحيناً آخر من أجل الوصول إلى القدس مروراً بالزبداني والحسكة (!!) على ما قال الأمين العام للحزب. وهذه كلها أسباب اضطرارية دفعت الحزب وعلى كره منه، إلى الانزلاق إلى الحرب السورية وتنكُّب أعبائها وأكلافها الباهظة.

والحال أن هذه الجولة السياحية المسلحة بين المدن والقرى السورية والمساهمة في تدميرها وتشريد أهلها –الذين يأتي قسم منهم إلى لبنان كلاجئين- لا تفعل غير تعميق التورط اللبناني بالدم السوري وحفر خندق عميق في مستقبل العلاقات بين الشعبين، على ما بات بديهياً ومكرراً.

مع ذلك، لا يرى الإعلام الحربي في الحديث عن حصار أتباعه المدنيين وتجويعهم وإذلالهم عند حواجزه وقنص من يحاول منهم الفرار من الموت البطيء، غير حملة رامية إلى «تشويه صورة المقاومة»... ألا تستحق مقاومة كهذه تحاصر المدنيين وتتشارك -على الأقل- مع قادة «الجماعات الإرهابية المسلحة» في ترهيب السوريين، وقفة مطولة عن معناها ودورها اليوم؟

في جميع الأحوال، تبقى الحقيقة الباهرة في سوادها، هي أن الحزب يكرس محو الحدود الوطنية اللبنانية كلما صعّد مشاركته في القتال متنقلاً بين مهمات كلها اضطراري وكلها عبثي. وربما لم ينتبه الحزب، أو فاته في زحمة «انتصاراته» من مزارع شبعا إلى ريف حلب، الانتباه إلى أن هناك من احتفل قبل أقل من عامين بتدمير الحدود التي اصطنعها الاستعمار في شرق سورية عندما عبرت آليات «داعش» من العراق.

يضمر «حزب الله» و «داعش» عداء، كل من موقعه، للحدود الوطنية ولما تمثله من علامات قيام الدول واستقرارها. بيد أن العداء هذا الذي يجعل الحزب يحاصر مضايا ويهجّر أهالي القصير، ينتهي عند الحدود الفلسطينية- اللبنانية، فلا ينتقم لقادته القتلى إلا في مكان ملتبس السيادة مثل مزارع شبعا. عجباً!

(الحياة اللندنية 2016-01-08)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات