المال الأسود!

تم نشره السبت 09 كانون الثّاني / يناير 2016 02:43 صباحاً
المال الأسود!
حسن احمد الشوبكي

في الأخبار ما يدعو للحيرة. إذ أنهت اللجنة القانونية النيابية، الأسبوع الماضي، مناقشة المقترحات ذات الصلة بمشروع قانون الانتخاب. وكانت اللجنة أيدت مقترحا يقضي بتغليظ العقوبة على كل من "يستخدم المال الأسود" في الانتخابات!
هذا المال الأسود الذي يتحدث عنه البرلمان الحالي، ويسعى لمحاربته مستقبلا، كان سببا مباشرا في وصول عدد من أعضاء مجلس النواب السابع عشر، ولا أقول كل أعضاء المجلس. فكيف لعاقل أن يصدق أن من اشترى وتاجر بذمم نسبة لا بأس بها من الأردنيين عشية الانتخابات الأخيرة، سيكون اليوم المدافع عنهم، وبحيث يتحول المتهم بتنفيذ هذه الجريمة إلى القاضي بتقييدها ومحاربتها؟
قبيل انتخابات 2007، ومثلها في 2010، وبعدها الانتخابات الأخيرة في 2013، كانت جريمة شراء الأصوات واستخدام المال في سوق سوداء لشراء الذمم، أمرا واقعا لا ينكره إلا من يتعامى عن الحقائق لغايات الخداع. وتعلم أجهزة الدولة المختلفة بما سمي آنذاك "مولات الأصوات"، كما تعلم أن سماسرة الأصوات موجودون بين الناس ويتحركون في النهار والليل، يمارسون الجريمة على مرأى ومسمع الجميع.
الحكومات المتعاقبة في كل هذه الاختبارات منذ نحو تسع سنوات، لم تقم بما يجب أن تقوم به لمواجهة مثل هذه الجرائم. وأصابت هذه الجرائم سمعة البلاد في الصميم، كما أساءت للأردنيين ومجلس نوابهم. كما أن المحاولات التي حدثت عشية الانتخابات من قبيل ملاحقة بعض المرشحين المتهمين بشراء الأصوات، كانت مجرد ذر للرماد في العيون، أو للاستهلاك الإعلامي الآني وحسب، وهذا ما حدث بالفعل.
فعلى كبر حجم الجريمة، لم يدن فيها أحد. والحقيقة المؤلمة أن من بين من اشترى وباع بضمائر الأردنيين، واستغل فقرهم وجهل بعضهم أحيانا، تحول إلى "رجل تشريع ورقابة".
في التقارير التي قدمها التحالف المدني لمراقبة الانتخابات النيابية (راصد) خلال تلك الاختبارات العسيرة، اتضح أن محاربة المال الفاسد جاءت "متأخرة" من طرف الحكومة. وكشفت نتائج استطلاع أجراه التحالف قبل ثلاث سنوات أن ثلثي المستطلعة آراؤهم من الأردنيين يعتبرون أن هيئة الانتخاب غير قادرة على محاربة شراء الأصوات واستخدام ما سمي "مالا سياسيا".
خلاصة القول؛ إن من عاث فسادا بالوسط الاقتصادي المحلي، وأسس لشراء الذمم وظواهر لم يألفها الأردنيون في عقود سابقة، يجب أن يكون بمنأى عن إجراءات الحل والتحصين الاجتماعي والاقتصادي وحتى السياسي والأمني، فكيف يكون المتهم قاضيا ومشرعا؟ والأموال في الأردن لم تكن سوداء يوما، فمن الذي لطخها باللون الأسود؟

(المصدر: الغد 2016-01-09)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات