دولة الموازنة

الظن بأن الفقر هو اكبر تنظيم ارهابي على الاطلاق، ومثله متفرع عنه الجوع والحرمان والبطالة وكل مسببات العيش بفقر مرافق للالم ولطالما الاخير كان شديدا. ولأن شكوى الناس وصلت من حد تكرار جني الرسوم من السيدات الحوامل عند كل مراجعة للمشافي الحكومية بغية الكشف وقدرها سبعة دنانير فقط فإن الاكيد ذهابهم الى اقصى مدى في الكراهية نحو كل ما هو حكومي، واذا علم ان تكلفة المعيشة فوق طاقة الاغلبية العظمى منهم فانحرافهم ليكونوا انتحاريين من اجل سد الرمق انما يعد استعدادا وليس مجرد احتمال فقط.
النواب في اعتقاد انهم اوجعوا الحكومة وهم يكيلون لها الانتقاد على رفع الاسعار، وفي واقع المحصلة انها ستفوز بالابل وسيكتفون هم بالاياب نوابا على صلة وثيقة بها. واذ يشير معظمهم وصفا الى حكومة الجباية ورفع الاسعار وازالة الدعم والتوسع في الضرائب وزيادة المديونية ومجمل الموبقات فإنه بالظن ايضا لو يتاح للوزراء الرد عليهم لنالوا اكثر مما يطلقونه من كلام ثبت مرارا انه موسمي وليس جديا ابدا، وليس خافيا شكواهم المتكررة منهم لكثرة ما لديهم مطالب شخصية وليس عمومية ابدا.
الاصل في الموازنة ان تكون للدولة بمعنى منها واليها، وهي لما تكون قائمة على فرضيات واحتمالات وانتظار تلقي المساعدات والاستدانة مرة تلو الاخرى فانها لا تكون موازنة دولة، وقد تشر التحليلات في واقعها الى حال انما هو دولة موازنة طالما التحكم بها ليس محليا ولا ارادة وطنية عليها الا لجهة الصرف والتجبر في تحديد مسارب النفقات. ولو ان وارداتها تتأتى من الناتج المحلي كأن يكون نفطا او اي موارد اخرى لكتسبت صفة موازنة الدولة، غير وان كل مساحتها ضرائب ومنح وديون فإن الحال يتحدث عن دولة موازنة، وليس ضروريا في هذا المستوى ان تعدها الحكومة وانما غيرها بالضرورة، اما نقاشها نيابيا على ما هي عليه فإنه مجرد ضرب من العبث باعتبار «الرك» على الذي يدفع وليس الذي يقبض.
(السبيل 2016-01-13)