الكلالده: مغالطات واستنتاجات غير دقيقة تضمّنها التحقيق الاستقصائي لـ "أريج"
المدينة نيوز :- أعرب وزير الشؤون السياسية والبرلمانية د. خالد الكلالده عن تقديره للتحقيقات الاستقصائية؛ التي تهدف إلى كشف وتوضيح قضايا مهمة للرأي العام الأردني؛ وذلك لترسيخ دور الإعلام كسلطة رابعة في المجتمع.
وأكد حرص الوزارة على الاستفادة من التحقيقات الاستقصائية التي تقوم بها جهات مُستقلة ومُحايدة في مجالي الشؤون السياسية والبرلمانية؛ لأنها ستُسهم دون شك في تطوير أداء الوزارة؛ خاصة وأن الأردن يشهد مرحلة إصلاح سياسي؛ تؤسس وترسخ لاحقاً لدولة مدنية؛ وحكومات برلمانية؛ إلى جانب تعزيز دور القوى السياسية والحزبية والشعبية في بناء الدولة الأردنية الحديثة.
جاءت تصريحات الوزير في إطار تعقيبه على التحقيق الاستقصائي الذي دعمته شبكة "أريج" حول مشروع قانون الانتخاب 2015 ونشرته إحدى الصحف اليومية مؤخراً؛ والذي تضمّن عديداً من المُغالطات واستخدام الاحصائيات السابقة في غير مكانها؛ مما أفضى إلى استنتاجات غير دقيقة؛ وما رافق ذلك من خلطٍ للأوراق لم تخدم الهدف الرئيسي من طرح هذا الموضوع المهم.
وقال الكلالده بأن المُغالطة الأولى التي وقع فيها التحقيق الاستقصائي؛ اعتماده في معظم قراءاته وتحليلاته على قانون الانتخاب الذي جرت بموجبه الانتخابات النيابية عام 2013؛ والذي يعتمد على النظام "الأغلبي"؛ في حين أن مشروع قانون الانتخاب لعام 2015 يعتمد على النظام النسبي (القائمة النسبية المفتوحة)؛ لهذا فإن المُقارنة بينهما ليست عادلة؛ وكانت النتائج غير دقيقة كذلك.
وأضاف بأن المُغالطة الثانية هي اعتماد التحقيق الاستقصائي على إحصائيات المُسجلين للانتخابات النيابية عام 2013؛ وعلى إحصائيات الذين شاركوا في العملية الانتخابية آنذاك؛ في حين أن مشروع قانون الانتخاب لعام 2015 لم يتحدث عن تسجيل الناخبين للانتخابات النيابية؛ حيث اعتبر (المشروع) بأن كل من بلغ الثامنة عشرة من عمره في اليوم الأول من العام الذي ستجري فيه الانتخابات مسجلاً حُكماً؛ هذا مع العِلم بأن كل قوانين الانتخاب السابقة كانت تشترط تسجيل الناخب؛ أي أن عمليه التسجيل كانت تعتمد على حماس الناخب؛ وأحياناً على حِراك المُرشحين.
والمُغالطة الثالثة التي لم يوظفها جيداً التحقيق الاستقصائي تتعلق بمعايير (الجغرافيا والديموغرافيا والتنمية) بين المحافظات باعتبارها دوائر انتخابية؛ وفي الوقت نفسه حاول الاتكاء على بعض هذه المعايير وإلغاء المعايير الأخرى؛ أو توظيفها في غير مكانها في الدوائر الانتخابية؛ مما أوقعه في مطبات إحصائية ليست منسجمة مع الواقع؛ والوصول إلى نتائج مُختلفة لم تخدم هدف التحقيق الاستقصائي. كما أنه لم يُميّز بين المواطنين المؤهلين للمُشاركة في الانتخابات النيابية (أي الذين يحق لهم الاقتراع) من جهة؛ وبين الذين شاركوا فيها (المُقترعين) من جهة ثانية؛ وبين عدد السكان الإجمالي في الدائرة الانتخابية من جهة ثالثة.
وفي معرض تعليقه على زيادة عدد مقاعد مجلس النواب من (123) مقعداً على التنافس الفردي والكوتا إلى (130) مقعداً؛ وهي إجمالي عدد مقاعد المجلس وفق مشروع القانون؛ قال الكلالده بأن التحقيق الاستقصائي ركز فقط على العامل الديموغرافي في هذه الزيادة في محافظات العاصمة وإربد والزرقاء؛ فيما أغفل العاملين الجغرافي والتنموي مقارنة مع المحافظات الأخرى. خاصة وأن الحكومة حريصة أن تستند على المعايير الثلاثة معاً في هذه الزيادة بين المحافظات؛ حرصاً منها على تحقيق العدالة لهذه الدوائر الانتخابية الكبيرة.
والمُغالطة الرابعة التي أوضحها الوزير الكلالده ولم يُشر لها التحقيق الاستقصائي بأن هناك قوى سياسية وحزبية ومجتمعية قاطعت الانتخابات النيابية عام 2013؛ مما يعني بأن الإحصائيات التي استدلّ بها ليست بذات فائدة كبيرة من الناحية العملية للمقارنة مع الانتخابات النيابية القادمة التي ستجري بموجب قانون الانتخاب الجديد.
والمُغالطة الخامسة التي تورّط بها التحقيق الاستقصائي هو الاتكاء كذلك على "افتراضات" دون إثباتات أو براهين أو شواهد داعمة لها؛ حتى تكون هذه "الافتراضات" ذات فائدة لخدمة التحقيق والرأي العام والسلطتين التنفيذية والتشريعية.
والمُغالطة السادسة كانت في الاستناد فقط على بعض "التصوّرات" التي تطرحها الحكومة حول رؤيتها للنظام الانتخابي الذي سيصدر لاحقاً بموجب القانون الجديد (بعد إقراره)؛ علماً بأن هذا النظام لم يصدر أصلاً؛ إلى جانب أن الحكومة ستدرس بشمولية وعُمق كل الجوانب المُرتبطة بالنظام المُقترح؛ حتى يُقرأ كاملاً وليس مُجتزءاً مثلما حدث في التحقيق الاستقصائي.
وأوضح الوزير الكلالده بأن المعايير الثلاث (الديموغرافية؛ والجغرافية؛ والتنموية) التي تطرحها الحكومة كركيزة لضمان عدالة تمثيل الدوائر الانتخابية في مجلس النواب القادم؛ هي رؤية مُتقدمة لم تُستخدم سابقاً في الأردن؛ خاصة وأنها مُعتمدة في الممارسات الديمقراطية في العمليات الانتخابية في العالم. وهنُا لا يجوز اعتماد معيّار التنمية مثلاً داخل المحافظات التي ستُقسم إلى أكثر من دائرة انتخابية واحدة (كما حدث في التحقيق الاستقصائي). حيث أنه يُعتمد المعيار الديموغرافي منفرداً في تحديد وزن المقعد الانتخابي في كل دائرة؛ لأن عاملي التنمية والجغرافيا واحدة في المحافظة نفسها.
والمُغالطة السابعة التي "كبى" فيها التحقيق الاستقصائي هو في عدم التمييز بين "الوزن الانتخابي" للمقعد داخل محافظات العاصمة وإربد والزرقاء؛ وبين الدوائر الانتخابية الأخرى على مستوى المحافظات؛ واستند إلى "وزن المقعد" بحسب انتخابات 2013 التي اعتمدت على الصوت الواحد؛ وهذه مقارنة ليست عملية ولا أمينة؛ لأن الانتخابات النيابية القادمة ستجرى وفق نظام انتخابي جديد يُعتمد عليه للمرة الأولى حسب القوائم النسبية المفتوحة؛ التي ستعتمد على الكُتل والائتلافات البرامجية.
وأشار الكلالده إلى أنه لا يُمكن أن يضمن أي نظام انتخابي في العالم تماثل أو تقارب "وزن" المقعد الانتخابي بين الدوائر الانتخابية المُختلفة؛ ولكن يجب على النظام الانتخابي أن يضمن إلى حد مقبول عدالة "وزن" المقعد داخل المحافظة الواحدة؛ وهُنا فإن الحكومة حريصة على أن لا يتجاوز فارق وزن المقعد داخل المحافظة الواحدة بين (15-20) بالمائة؛ وهي نسبة مُريحة من وجهة نظر الحكومة.
وفيما يتعلّق بمطالبات البعض بأن يتم تضمين النظام الانتخابي في مشروع قانون الانتخاب؛ أعاد الوزير الكلالده التأكيد على أن المعايير الثلاثة (الديمغرافية؛ والجغرافية؛ والتنموية) متغيّرة من سنة لأخرى زيادة أو نُقصان؛ ومن محافظة إلى أخرى؛ وحتى داخل المُحافظة الواحدة؛ لهذا فإن تثبيتها وتجميدها في القانون لن يُساعد في تحقيق عدالة تمثيل الدوائر الانتخابية في المجالس النيابية؛ في حين أن تضمينها بنظام انتخابي سيُعطي الحكومة مرونة كبيرة لتحقيق عدالة تمثيل الدوائر الانتخابية في البرلمان.
وأوضح بأن الافتراضات التي ركز عليها التحقيق الاستقصائي استندت على مشروع قانون الانتخاب قبل إقراره؛ وقبل صدور النظام الانتخابي الذي سينبثق عنه؛ كما أنها استندت إلى انتخابات 2013 والاحصائيات المُرتبطة فيها؛ وهذه محاكمة غير عادلة لمشروع قانون جديد في مجلس النواب لم يصدر بعد؛ وكذلك محاكمة مُسبقة لتصوّرات نظام انتخابي لاحق؛ لهذا فإن القراءة التحليلة للتحقيق اعتمدت على أرضية ركيكة وغير مناسبة.
كما حاكم التحقيق الاستقصائي مشروع قانون فيه رؤية جديدة للعمل السياسي والحزبي والشعبي؛ من خلال الكُتل والبرامج؛ مُستنداً إلى محاكمات للقوانين الانتخابية السابقة؛ التي كانت تعتمد على العمل الفردي بشكل رئيسي.
وتساءل الكلالده عن سرّ اعتبار الدائرة الرابعة في عمّان بأنها دائرة مظلومة؛ على سبيل المثال؛ والاستشهاد بآراء (مُحترمة) دون غيرها؛ لهذا كان من الأجدى إجراء استفتاء مُحايد ومُستقل لكل الدوائر الانتخابية في المملكة؛ حتى تكون الصورة كلّية. وتخدم هدف التحقيق الاستقصائي من جهة؛ وأن تستفيد منه الحكومة ووزارة الشؤون السياسية والبرلمانية من جهة ثانية؛ ويُثرى البحوث والدراسات من جهة ثالثة.
واختتم الوزير الكلالده تعقيبه بالقول بأن التحقيقات الاستقصائية هي ظاهرة صحية وإيجابية تحترمها الوزارة وتقدّرها عالياً؛ وتتمنى أن تتوسع لتشمل تشريعات أخرى بعدالة وحيادية؛ لأنها تشكّل شكلاً راقياً من الحوار والنقاش الذي تحرص الوزارة على ترسيخه. ( بترا )