الموازنة العامة تفرض نفسها

تم نشره الجمعة 29 كانون الثّاني / يناير 2016 01:13 صباحاً
الموازنة العامة تفرض نفسها
د. فهد الفانك

هناك مبالغة كبيرة في إعطاء أهمية فائقة لسياسة رسم الموازنة العامة، التي توصف بأنها البرنامج الاقتصادي للحكومة عن سنة قادمة.

هذا صحيح لو أن نفقات الموازنة تتصف بقدر من المرونة يسمح لوزير المالية بالمناورة لإحداث الأثر المطلوب اقتصادياً.

لكن الوزير لا يتمتع بهذه المرونة، فمعظم النفقات العامة مقررة سلفاً، ومفروضة على صانع الموازنة شاء أم أبى. ومناقشة مشروع الموازنة في مجلس الوزراء لا تؤدي لتغيير أي رقم فيها.

لا يسـتطيع وزير المالية أن يخفض بند الرواتب أو التقاعد المدني والعسكري ، أو فوائد وأقساط الديون ، أو دعم الخبز والكهرباء والماء والغاز والأعلاف والبلديات والجامعات ، أو إيجارات المباني التي تشغلها الوزارات والدوائر الحكومية أو مخصصات صندوق المعونة الوطنية أو تمويل السفارات والمستشفيات والمدارس الحكومية أوالسجون إلى آخره.

ماذا يبقى غير النفقات التشغيلية للمكاتب ، مثل فواتير الماء والكهرباء والهاتف وتكاليف الصيانة والنظافة ، وأثمان القرطاسية والمطبوعات والمحروقات والمعدات والتجهيزات المختلفة.

ليس أدل على ذلك من أن اللجنة المالية قدمت اقتراحات لتخفيض العجز تتعلق كلها بهذا النوع من النفقات التشغيلية التي يفترض أن الحكومة عصرتها عاماً بعد آخر بحيث أن المزيد من ضغطها يعني التفريط بمظهر ونظافة وإنارة الدوائر الحكومية أو اختصار تكاليف الصيانة وما إلى ذلك.

وحتى لو تم ذلك فإن توصيات اللجنة لا تخص أكثر من 3% من النفقات العامة ، فماذا عن 97% الباقية؟.

الجزء الوحيد من نفقات الموازنة الذي يتمتع بالمرونة هو النفقات الرأسمالية ، ففي الإمكان (توفير) الملايين بتأجيل أو شطب المشاريع بجرة قلم!!.

نعم ، النفقات الجارية مفروضة ، وتعتبر تحصيل حاصل ، بل إن وزيراً جديداً للمالية لم ُيدخل أي تغيير في الأرقام التي أعدت في عهد وزير مالية آخر ، كما أن موازنة السنة ليست سوى نسخة من موازنة السنة السابقة.

الموازنة لا تفرض شيئاً على بنية الاقتصاد الوطني ، بل على العكس فإن الواقع الاقتصادي والاجتماعي هو الذي يفرض الموازنة.

يحسن مجلس النواب صنعاً إذا أقر مشروع الموازنة كما ورد من الحكومة دون تعديل النفقات الهامشية ، مقابل تعهد الحكومة بمحاولة تخفيض النفقات الجارية بالقدر الممكن عملياً، وفق توصيات اللجنة.

الموازنة العامة بصيغتها الراهنة ليست مفروضة على المجلس فقط ، بل على الحكومة أيضاً.

(الرأي 2016-01-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات