شهداء الإعداد والواجب الوطني .. الجنود المجهولون
تختلف تقاسيم الحياة وأوقاتها لدى رجال الإعداد والمهمات الجهادية، رجال المقاومة الفلسطينية الذين يحرسون الثغور، ولا ينامون الليل إلا قليلا، فهم أصحاب مهمات سامية، وهم رجال المهمات الصعبة يقضون الساعات الطوال يحفرون في الصخر الأصم بأيدهم وأسنانهم أياما وشهورا لا يملون ولا يتعبون، هؤلاء الرجال يعرفون الطريق الصحيح، ويدركون مشاق هذا الطريق أنه طريق ذات الشوكة طريق الجهاد والاستشهاد .. إنهم رجال الإعداد والمهمات الجهادية، فهم الجنود المجهولون يعملون بصمت كبير ويسابقون الزمن، والسنين والأيام من أجل إنجاز مهماتهم الجهادية في حفر الأنفاق أو نصب كمين هنا أو مراقبة تحركات الجنود الصهاينة على الحدود، أو متابعة الأعمال العسكرية على ثغور الوطن، هؤلاء الرجال نذروا أنفسهم في سبيل الله وباعوا الغالي والنفيس من أجل دين الله.
نبرق لهؤلاء الرجال رجال المهمات الجهادية وأبطال وحدة الأنفاق- نبرق لهم كل الفخر وأعرق التحايا نسطرها لهم عبر كلمات قليلة لا تفي بحقهم بل إن ألاف ألاف الكلمات لا تفي بحقهم ودورهم الجهادي الكبير، حتى أنني عند كتابتي هذه المقالة جال في فكري وخاطري أفكارا كثيرة عن هؤلاء الرجال، فكيف لمثلي أن يكتب بحقهم هؤلاء الأبطال وماذا يكتب قلمي من كلمات أو عبارات تفي بحق أبطال وحدة الأنفاق .. هؤلاء الرجال الذين باعوا الحياة رخيصة من أجل الله، و تحرير الأوطان، إنهم الجنود المجهولين الذين لا ينامون ليلهم من أجل حراسة ثغور الوطن، وتوفير الأمن والحماية لأبناء شعبنا..إن كافة كلمات القواميس العربي لا تفي بحق شهداء الإعداد والواجب الوطني، هؤلاء الرجال الذين، أصحاب الأعمال الخالصة والقلوب الطاهرة.
لقد قدمت كتائب الشهيد عز الدين القسام الأسبوع الماضي ثلة من المجاهدين الأبرار من أبطال وحدة الأنفاق نحسبهم شهداء عند الله – استشهدا خلال قيامهم بواجبهم الجهادي والوطني في أحد أنفاق المقاومة الحدودية .. هذه الأنفاق التي أرعبت العدو الصهيوني، ودبت الرعب في قلوب الصهاينة، بل إن هذه الأنفاق استطاع مجاهدو القسام الأبطال عبرها تنفيذ الكثير من العمليات النوعية، وهي بمثابة الجدار الواقي والدفاعي لقطاع غزة وحدوده مع الاحتلال، وقد قال الوزير الصهيوني (يائير لابيد) في أحد الاجتماعات للحكومة (الإسرائيلية): بينما نحن جلوس الآن هناك أكثر من (1000) مقاتل يحفرون الأنفاق في مختلف أنحاء قطاع غزة وجزء منها تجاوز الحدود إلى داخل الأراضي المحتلة عام 1948م يكفي هذه الكلمات من العدو التي تعبر عن مدى الخوف والرعب الذي شكلته الأنفاق للصهاينة .
ويرى كاتب السطور أن أنفاق المقاومة الفلسطينية شكلت لغزا كبيرا في الصراع مع العدو الصهيوني، وغيرت المعادلة العسكرية في الحرب الأخيرة على القطاع، واستطاع المجاهدون الأبطال وقف تحركات الدبابات الصهيونية ومنعها من التقدم إلى القطاع، بل ونفذت المقاومة الفلسطينية العمليات النوعية عبر الأنفاق خلال الحرب، ولم يدخر العدو الصهيوني جهدا في مواجهة الأنفاق واستخدم كل ما يملكه من قوة عسكرية وتقنيات هندسية كبيرة من أجل مواجهة هذه الأنفاق، ولكن باءت جهوده بالفشل الذريع.
لقد أدركت كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية الدور الكبير للأنفاق الهجومية والدفاعية في المقاومة وفي حسم المعارك المسلحة مع العدو، وتشير مصادرنا إلى أن كتائب القسام شكلت وحدة خاصة لحفر الأنفاق وتجهيزها وتوفر لها كافة الإمكانيات، كما نشرت كتائب القسام عبر الموقع الالكتروني الخاص بها تفاصيل عدد من العمليات النوعية التي تمت من خلال الأنفاق قبل أكثر من عشرة أعوام، وكانت باكورة عمليات الأنفاق العملية البطولية التي نفذتها القسام في السادس والعشرين من سبتمبر عام 2001م حينما فجرت كتائب القسام عبوة كبيرة أسفل موقع "ترميد" العسكري قرب بوابة صلاح الدين في رفح على الحدود المصرية الفلسطينية، كما نفذت كتائب القسام في الثالث عشر من ديسمبر عام 2003م عملية نوعية أخرى أسفل موقع "حردون" بحي يبنا برفح ، كما قامت كتائب القسام وصقور فتح في الثامن والعشرين من يونيو 2004م بتفجير نفقاً يبلغ طوله 495 متراً بثلاثة عيون حفر أسفل الموقع العسكري الصهيوني المسمى موقع "محفوظة" بالقرب من دير البلح، كما توالت بعد ذلك العمليات البطولية التي نفذت من خلال الأنفاق إلى أن تمكن مجاهدو كتائب القسام ولجان المقاومة الشعبية وجيش الإسلام في الخامس والعشرين من يونيو عام 2006م من تنفيذ عملية كبيرة عبر نفق واختطاف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط ، وبعد ذلك أصبحت الأنفاق سلاح أساسي للمقاومة الفلسطينية وخط دفاعي أول في مواجهة الحروب الإسرائيلية على القطاع، وكان لها دور بارز خلال الحرب الأخيرة عام 2014م حرب حجارة السجيل، وتمكن جنود كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية من تنفيذ العشرات من العمليات البطولية النوعية من خلال الأنفاق، وكانت سلاح استراتيجي هام في الحرب الإسرائيلية الأخيرة على القطاع .
لقد شكلت هذه الأنفاق كما قالت كتائب القسام في بيانها العسكري نقلة نوعية في مقارعة المحتل على مدار سني الصراع مع العدو ، وحيرت قيادته ومخابراته وجيشه، وضربت نظرياتهم الأمنية والعسكرية، وجعلتهم يقفون عاجزين مستنجدين لا يعرفون متى وأين وكيف ستكون الضربة المؤلمة القادمة.. رحم الله شهدائنا الأبطال جميعا، ورحم الله شهداء الأنفاق والإعداد والمهمات الجهادية، وعوض الله شعبنا المجاهد والمقاومة الفلسطينية خيرا