أبعد من الدويلة العلوية

تم نشره الجمعة 05 شباط / فبراير 2016 01:14 صباحاً
أبعد من الدويلة العلوية
وليد شقير

تأجيل انطلاقة المفاوضات بين النظام والمعارضة في جنيف - 3 هو نسخة طبق الأصل عن إفشال جنيف - 1 وجنيف -2. وكما حصل في المحاولتين السابقتين، وافق النظام السوري على التفاوض على أمل نسف أسسه وتأجيل الحل السياسي. أما الهدف البعيد فهو نسف هذا الحل لتكون النتيجة الواقعية بقاء بشار الأسد في السلطة من دون تغيير في تركيبة سلطته. وإذا كان إفشال المحاولتين السابقتين تم لإعطاء المزيد من الوقت لإيران كي تعدّل ميزان القوى على الأرض فإن تأجيل جنيف - 3 هو لإعطاء المزيد من الوقت لموسكو كي تواصل تعديل ميزان القوى الميداني بالتحالف مع إيران والميليشيات المتعددة الجنسية التابعة لها.

فالمعلومات الواردة من دوائر القرار أن القيادة الروسية طلبت، أثناء المناقشات بينها وبين الإدارة الأميركية حول إمكان تنفيذ بعض مطالب المعارضة بفك الحصار عن مدن وقرى وبوقف النار أثناء التفاوض، إعطاءها المزيد من الوقت لترتيب الأمور تمهيداً لولوج هاتين النقطتين. وواشنطن وافقت على الطلب الروسي، تحت غطاء تصريحات وزير خارجيتها جون كيري بأن مطالب المعارضة بفك الحصار وعمليات التجويع ووقف النار وقصف المواقع المدنية، محقة. وسرعان ما بدا أن هذه التصريحات والوعود بالأخذ بمطالب المعارضة، لإقناعها بالمجيء الى جنيف هي رياء جديد من جانب الأميركيين، وعدم ممانعة من قبلهم في أن تواصل موسكو سياسة الأرض المحروقة بقصفها المجنون لمناطق المعارضة المعتدلة بموازاة قصف رمزي للمناطق التي يسيطر عليها «داعش».

كان واضحا قبل موعد جنيف - 3 أن وقف النار متعذر، لأن تفاهمات واشنطن وموسكو لم تشمل أي جهد لتنفيذ الفقرة المتعلقة بوضع آلية لوقف النار في القرار الدولي الرقم 2254. فكيف يمكن وقف النار من دون تحديد وسائل فرضه وسط فوضى القتال الجاري وإذا لم يشمل إنزال مراقبين له أو قوات فصل في بعض الأماكن. وهذا ما يتجنب الدب الروسي مناقشته وتتواطأ معه الإدارة الأميركية في عدم الإقدام عليه.

إلا أن التطورات الميدانية التي تعجل الآلة العسكرية الروسية الوحشية في تحقيقها أخذت تكشف عن أهداف تتعدى ما قاله وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند عن أن روسيا تساعد الأسد على إقامة دولة علوية على الساحل السوري. وإذا كان هذا هو الهدف الأدنى لموسكو لتثبيت نفوذها في سورية، وسبق أن طلبت من إسرائيل عبر علاقتها الخاصة بها عدم التخريب على قيام دويلة كهذه، فإن موسكو باتت تطمح الى أكثر من ضمان الدويلة و «سوريا المفيدة» تحت سيطرتها وإدارة نظام الأسد، فتوسع قوات الأخير مع الميليشيات الإيرانية والعراقية و «حزب الله» تحت الغطاء الجوي الروسي بات يشمل إدلب وحلب وجسر الشغور، ولا يقتصر على ضمان أمن اللاذقية وريفها والساحل والطريق إليها من دمشق. النتائج الميدانية للأيام القليلة الماضية تكشف أن الوقت المستقطع الذي طلبته موسكو هدفه استعادة معظم المناطق السورية التي تسيطر عليها المعارضة وصولاً الى حلب في الشمال، بهدف تقزيم الدور التركي في سورية، وإلغاء المعارضة والفصائل المعتدلة بهدف إعادة النظر بتركيبة الوفد المفاوض مع النظام، وإبقاء المناطق التي تسيطر عليها في مناطق محدودة على الحدود مع العراق، وترك المناطق الشرقية والشمالية الشرقية بعهدة «داعش»، بحجة أن تطهيرها يتم لاحقاً، بحيث تصبح مناطق سيطرة النظام أكبر بكثير من دويلة الساحل. فالمؤشرات الميدانية تدل الى أنه سيترك للنظام والقوات الإيرانية قضم ما تستطيعه من الجنوب ومحافظة درعا، في ظل الإحجام الأردني عن دعم «الجيش الحر» والفصائل المقاتلة، فضلاً عن تطهير ريف دمشق من أجل ضمان الطريق بين الأخيرة ولبنان كممر إيراني الى البحر المتوسط.

خذل «أصدقاء سورية» الشعب السوري للمرة العاشرة، سواء لجهة الدعم العسكري أو لجهة التفاوض على العملية السياسية، بما يمهد لإطالة الحرب السورية سنوات أخرى. وبات على المعارضة أن تبحث عن إستراتيجية جديدة لإدارة موقعها في المحنة السورية الطويلة.

(المصدر: الحياة اللندنية 2016-02-05)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات