هل يمكن الجمع بين الأحسنين؟
![هل يمكن الجمع بين الأحسنين؟ هل يمكن الجمع بين الأحسنين؟](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/37346f0a2ceba7e316d97020679acfdc.jpg)
حتى هزيمة الخامس من حزيران 1967، كان القوميون والعلمانيون العرب هم الذين يقومون بمهمة التصدي للنفوذ الغربي وصيانة الاستقلال الوطني. وكان الاسلاميون قوة رجعية مقموعة فكرياً وأمنياً.
بعد الهزيمة التاريخية التي حدثت في العهد القومي العربي، وتحت قيادة الرئيس جمال عبد الناصر، برزت الصحوة وظهر الإسلاميون كقوة مقاومة لهيمنة الغرب، وتسلموا قيادة المعركة السياسية والحضارية مع الغرب، ولا يبدو أنهم نجحوا حيث فشل الآخرون، كما تدل حالة العالم العربي اليوم، فكان الانحسار والإحباط الذي عبـّر عن نفسه بظاهرة الإرهاب الدولي.
في هذه المرحلة الانتقالية، حاول البعض الخروج بمعادلة ترفض الصراع بين الحضارات، وتحاول المزاوجة بين الثقافات، بحيث يمكن الاستفادة من جميع الإمكانيات المتاحة عن طريق التوفيق بين القوى التقدمية المهزومة، والقوى الإسلامية الصاعدة. وأبرز تجليات ذلك المؤتمر القومي الإسلامي الذي انعقد عدة مرات في بيروت برعاية مركز دراسات الوحدة العربية - خير الدين حسيب (قومي)، وانتهى بإنتاج مجموعة من الشعارات التلفيقية التي لم تترك أثراً على أرض الواقع.
هذا التوفيق أو التلفيق أخذ بفكرة الجمع بين الأحسنين، أي الاخذ باسباب التقدم والتطور التي حققها الغرب، مع الحفاظ على الأصالة والثقافة الإسلامية.
أحد الأمثلة للجمع بين الأحسنين، التي أشار إليها المفكر الكويتي وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الكويت-خلدون النقيب، شعار كان قد رفعه الليبراليون، هو الأخذ بمبدأ الديمقراطية على النمط الغربي مع الحفاظ على الخصوصية الثقافية، بعبارة أخرى الجمع بين الحداثة والأصالة، مما يمثل التنازل الأول على مستوى نزاع الحضارات.
المثال الثاني هو منح المرأة حريتها، والسماح لها بدخول سوق العمل، والذهاب إلى المدارس والجامعات، شريطة الاحتفاظ بالعفة والحشمة وحسن السلوك، وخاصة في الملبس، وبالتالي الحد من تطرف النظام الأبوي الذي يفرض هيمنة الرجل الذكر.
تحت هذا التوجه وافق الإسلاميون على الديمقراطية والتعددية وتداول السلطة (كلامياً على الأقل) جنباً إلى جنب مع المطالبة بتطبيق الشريعة. وتحت هذا الاتجاه أخذت بعض الفنانات والمذيعات بارتداء الحجاب للجمع بين الأحسنين: الدنيا والآخرة.
الجمع بين الأحسنين هو الشعار السائد في العالم العربي اليوم، ويمثل جوهر الخطاب الرسمي، أي إدعاء الجمع بين إنجازات الحضارة الغربية في جميع الميادين، وبين الحضارة والتراث الإسلاميين، مما يعتبره النقيب نظاماً هجيناً غير قابل للتطبيق.
(المصدر: الرأي 2016-02-06)