العرب وخوسيه مارتي واللقاء التاريخي بين الكنيستين !
![العرب وخوسيه مارتي واللقاء التاريخي بين الكنيستين ! العرب وخوسيه مارتي واللقاء التاريخي بين الكنيستين !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/b079354d43b2dfe6faa0def76129a637.jpg)
اللقاء قصير ، استغرق ساعتين ، ولكن الاعداد له استغرق سنوات طويلة . هو لقاء تاريخي ، لأنه جمع بين رأس الكنيسة الكاثوليكية ورمز الكنيسة الارثوذكسية بعد قطيعة دامت الف عام ، او أقل بقليل. هذا اللقاء التاريخي الفريد بين بابا الفاتيكان فرنسيس وبطريرك موسكو وعموم روسيا كيريل قد تم في مطار خوسيه مارتي في هافانا عاصمة كوبا الشيوعية ، ولم يعقد في مطار اي عاصمة تابعة للراسمالية المتوحشة ، فجاء كانه مصالحة بين الكنيسة بمذهبيها وبين الشيوعية بشكلها المعاصر أيضا.
اما عنوان ، أو مكان اللقاء فله رمزية اخرى . اعتقد أن المجتمعين يعرفون من هو خوسيه مارتي ، او قرأوا عنه ، ويعرفون لماذا اطلق كاسترو اسمه على هذا المطار الدولي تكريما له وتخليدا لاسمه . هو السياسي والشاعر والكاتب والفيلسوف الكوبي من أصل اسباني ، الذي ناضل من اجل استقلال كوبا قبل مائة عام من الثورة الكوبية بقيادة كاسترو . واللافت أن خوسيه مارتي من اكثر المعجبين بالحضارة الاسلامية ، وهو معجب بالحضارة العربية بالرغم من انه لم يزر أي بلد عربي ، فهو القائل : « العرب اكثر الامم نبلا واناقة على وجه هذه الارض « ، وأول مسرحية كتبها في صباه كان عنوانها « عبدالله « وبطلها مصري من النوبة ، أما ديوانه الشعري فعنوانه «اسماعيل الصغير» .
واذا كان اسم خوسيه مارتي حاضرا في هذا اللقاء التاريخي بين بابا الفاتيكان وبطريرك الكنيسة الارثوذكسية الروسية ، فالقضية العربية كانت حاضرة ايضا . فالاجتماع الذي لم يعقد منذ الف عام ، فرضته واستعجلت انعقاده التطورات في الشرق الاوسط ، وفي البلاد العربية ( العراق وسوريا ) بالذات ، من اجل بحث قضية « اضطهاد وطرد المسيحيين « من الشرق الاوسط .
والحقيقة أن بابا الفاتيكان فرنسيس يعتنق سياسة الانفتاح والتسامح منذ وصوله الى رأس الكنيسة الكاثوليكية ، وقام بجولات واسعة شملت الجهات الاربع من العالم . ويبدو اليوم أن سياسة الكرملين الخارجية في عهد الرئيس بوتن قد فتحت الطريق امام البطريرك كيريل للتحرك خارج حدود روسيا ، من اجل التواصل الديني والانساني مع لأخر ، مع ضرورة الاشارة الى أن الدول الاوروبية وروسيا متمسكة بمبدأ فصل الدين عن الدولة ، لذلك لن يكون للكنيسة أي دور سياسي .
وعلى سيرة اضطهاد المسيحيين في الشرق ، واجبارهم على النزوح فالاحتلال الاسرائيلي هو البادىء بتطبيق هذه السياسة، خصوصا في القدس المحتلة . اما في سوريا والعراق ، أستطيع التاكيد بأن الاضطهاد والتهجير والطرد شمل كل الطوائف دون تمييز ، على ايدي المنظمات الارهابية التكفيرية . واذا دققنا في هويات اللاجئين الهاربين من جرائم المنظمات الارهابية نستطيع التعرف على هوياتهم الطائفية ، لنعرف أن الكثير من المسلمين ، الى جانب المسيحيين ، هم ضحايا القتل والسلب والنهب والتهجير والاغتيال والاغتصاب ايضا .
والحقيقة التي يعرفها الجميع ، ويتجاهلها البعض ، هي ان الدول الغربية داعمة بقوة لهذه التنظيمات، او أنها تشكل الغطاء السياسي والاعلامي للدول الداعمة ، وهي التي تعيق الوصول الى حل سياسي جذري يقود الى انهاء الصراع المسلح ، ووقف شلال الدم في سوريا ، قبل الوصول الى مرحلة الاشتباك الدولي الواسع في المنطقة .
(المصدر: الرأي 2016-02-15)