ميدان حلب أفشل مشروع التفكيك ..
![ميدان حلب أفشل مشروع التفكيك .. ميدان حلب أفشل مشروع التفكيك ..](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/24f990c190354eb9cda371cfdf29b5b0.jpg)
الواقع الميداني الجديد في المشهد السوري أقلق البعض وأربك البعض الآخر في خندق المعارضة ، لأن العمل العسكري للجيش السوري تقدم على مؤتمرات الحوار ورماها خلفه . وفي ظل الواقع الجديد لم يعد هناك المزيد من الوقت ، ولا المزيد من المساحات الريفية الخاضعة لسلطة وسيطرة التنظيمات المسلحة ، التي وصلت الى نهاية الطريق ، بعدما دخل الصراع مرحلته الحاسمة الاخيرة ، ان لم نقل ساعاته الاخيرة .
هناك قول شعبي يردده فلاحو بلادنا يقولون لمن ياتي متأخرا ، وبعد اضاعة الفرصة : « طارت الطيور بأرزاقها « . والثابت أن المعارضة اضاعت اكثر من فرصة ، ولم يعد الوقت يسمح بمناورات جديدة ، ولا حاجة لأي تدخل عربي أو اقليمي او دولي لهزيمة داعش والتنظيمات الارهابية الاخرى . لذلك ارى أن من يقترح وقف القتال الآن ، أو انشاء منطقة عازلة ، أو منطقة حظر جوي ، يريد القاء طوق النجاة للتنظيمات الارهابية التي لجأت الى الحدود التركية .
المتابعون لتطورات المشهد الميداني لا أحد يراهنون على توسيع الحرب ، او التصعيد العسكري ، أو تسخين الجبهة السورية الشمالية ، ،أو تحويل المشكلة الى حرب اقليمية ، وهو أمر غير مقبول ، خصوصا بعد نجاح الضربة الحاسمة القاسمة الموجهة للتنظيمات المسلحة في حلب وريفها ، التي اسقطت مشروع تقسيم سوريا على قاعدة طائفية وعرقية .
وما يهمنا كأمة عربية ، في المقام الاول ، الحفاظ على وحدة سوريا ارضا وشعبا . وفي هذه المرحلة التاريخية الحاسمة ، ياتي موقف القيادة في مصر ليعزز هذا الهدف ، فالرئيس السيسي قال في حديثه لمجلة « جون افريك « ان موقف مصر حول الازمة السورية ثابت ، وهوالداعي الى حل سياسي سلمي للنزاع ، والحفاظ على سلامة الاراضي السورية ، وعدم السماح بانهيار مؤسسات الدولة .
الحقيقة أن عدم مشاركة مصر في خطة التصعيد العسكري في سوريا خطوة مهمة ، لأن مصر هي الدولة العربية الاكبر ، وبمشاركتها تشكل الغطاء السياسي والمعنوي والشرعي لأي مبادرة سياسية او حملة عسكرية عربية . لذلك سقط الرهان لاسباب عديدة ، اولها أن مصر لا يمكن أن تكون في خندق واحد مع تركيا ، وهي التي تشن حملة اعلامية وسياسية ضدها ، وتشارك في دعم المعارضة المسلحة ضد الدولة والشعب في مصر، اضافة الى انها تقدم الدعم السياسي والاعلامي والعسكري للمنظمات المسلحة المتطرفة في سوريا .
والاهم من كل ذلك ، هو أن مصر قيادة وحكومة وشعبا لا يمكن أن تقبل ، وفي أي عهد ، أن يشتبك جيشها الثاني والثالث مع الجيش السوري الذي هو الجيش الاول منذ قيام الجمهورية العربية المتحدة .
ولكن رغم كل هذه التطورات الميدانية ، يجب أن يكون الحل السياسي هو الحل الجذري المقبول للمسألة السورية . فالقيادة السورية تعرف أن عقارب الساعة لا ولن ترجع الى الوراء ، وأعني ، الى ما كانت عليه قبل الصراع . لذلك يجب انهاء الصراع ووقف القتال ، ولكن بعد القضاء على التنظيمات الارهابية أولا ، وبعدها الانتقال الى تحقيق المصالحة الوطنية ، ومشاركة كل الاطراف والاطياف السياسية ، وفي مقدمتها المعارضة السياسية الاصلاحية ، في عملية بناء المؤسسات ، واعادة اعمار سوريا ، وصياغة مستقبلها الجديد
(الرأي 2016-02-22)