السؤال المحظور !!
![السؤال المحظور !! السؤال المحظور !!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/4d8cf180c5465f12b7049cc6cccaaf5f.jpg)
لا يحتاج الطب الى فحص دم المريض كله، ويكتفي يعيّنات منه، وكذلك المجتمع، فهو مصطلح مجرد يجري الحديث عنه وكأنه كتلة صمّاء والحقيقة ان فحص عيّنات منه تحت المجهر السايكولوجي يكفي لتحديد منسوب العافية او المرض فيه، وهذه العيّنات هي أُسَر من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية . فما يحدث في المجتمع العربي من تمزق وتآكل وتنافر هو بالتحديد ما اصبحت الاسرة العربية تعاني منه، والعلاقة بين الابناء والاباء والذكور والاناث والبالغين والاطفال في هذه الاسرة بلغت حدّا يصعب السكوت عنه، وما يرشح منه عبر الشاشات بين وقت وآخر ليس اكثر من الرائحة التي تتسرب من شقوق الابواب والنوافذ . واذا كانت اللبنات التي يتشكل منها المجتمع قد اصابها التفسخ والتذرر فما الذي سينتهي اليه حاصل جمعها ؟ وما كتب عن تكوين المجتمع العربي بدءا من الاسرة لم يلقَ اي اهتمام، ويكفي ان نتذكر ما كتبه الراحل هشام شرابي في هذا السياق حين تقصّى تجليات الباترياركية في المجتمع العربي بدءا من الاسرة . وانفجار المكبوت العربي الذي كانت السنوات القليلة الماضية مجاله الحيوي، كان نتاج التواطؤ عن ظواهر وقضايا تتشكل منها قارة شاسعة هي قارة المسكوت عنه والمحظور من الاقتراب منه ! وما يحاوله البعض من معالجة اورام اجتماعية وتربوية بالواعظ والاقوال المأثورة ليس تبسيطا وتسطيحا للقضايا فقط، بل هو اشبه بمعالجة مرض عضال بكمادات الماء البارد او اقراص البنسلين ! وحين يتاج لأحدنا ان يقرأ تقارير عن ارتفاع نسبة الجريمة وما استجد عليها من عجائب فإن اول ما يخطر بباله هو غياب الاهتمام سواء كان رسميا او شعبيا بما ينخر المجتمع من سوس . وحين يتحدث غير الاخصائيين في مثل هذا الشجون يزيدون الطين بلّة، لأنهم يجهلون الاسباب الجذرية التي ادت الى هذا الحال . ولو سأل المواطن العربي نفسه بلا مواربة كيف يفكر وبأي اسلوب يعيش وعن نسيح علاقاته لاصابه الذهول، لكنه لا يسأل ولا يتامل لأنه في سباق ماراثوني مع الرغيف والدواء واقساط مدارس ابنائه !!
(الدستور 2016-03-01)