إيران.. جدل الانتخابات.. و«تخوين» الإصلاحيين!
![إيران.. جدل الانتخابات.. و«تخوين» الإصلاحيين! إيران.. جدل الانتخابات.. و«تخوين» الإصلاحيين!](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/1996a8a86e5ea7e93438d1da1009d76d.jpg)
لم تظهر بعد النتائج النهائية لانتخابات الجمعة الماضي 26/2 ، سواء في بُعدها البرلماني (مجلس الشورى) أم في مجلس الخبراء, صاحب الدور الأهم والابرز، الذي يُقرِّر شخصية و»مستقبل» المرشد الروحي للثورة الايرانية، وهو الذي كان اضطلع بمهمة الإتيان بالمرشد الحالي آية الله خامنئي في العام 1989، رغم اختلاف الظروف وموازين القوى وطبيعة الصراع القائم وقتذاك, بين ما يُوصفون بمعسكر الاصلاحيين وفي ضمنهم تيار المعتدلين والشخصيات ذات النزعة الاستقلالية, في مقابل معسكر المحافظين الذين امسكوا بالسلطة في السنوات الثماني التي حَكَمَ فيها الرئيس احمدي نجاد، قبل أن يبرز حسن روحاني بقوة في المشهد الايراني, قيل بعد «انتصاره»: ان خامنئي اراد ان يُرسل رسالة الى الغرب مفادها, ان طهران جاهزة لاتفاق حول برنامجها النووي ولكن ليس بشروط واشنطن «الكامل».. وثمة من قال: ان عودة المعتدلين (بدعم من الاصلاحيين وبخاصة رفسنجاني وخاتمي) يندرج في لعبة توزيع الادوار التي تلعبها طهران بمهارة وذكاء منذ 11 شباط 1979 (تاريخ اطاحة الشاه) حتى الان، ما مَكّْنها من جمع المزيد من الاوراق والتوفر على نفوذ، لم تستطع دول عديدة اكبر «عُمراً» من الثورة الاسلامية ان تحوزه, وفي مقدمتها دول عربية عديدة، بعضها رفع راية الاسلام وشعاراته وآخر غيرها تَمَسّْك بشعارات قومية وحدوية وثالث تحالف مع الاميركيين واصطف الى جانب مشروع الامبراطورية, فإذا بهم يخذلونه عند كل منعطف يستوي في ذلك العرب وغير العرب في قارات العالم الخمس.
ما علينا..
مجلس خبراء القيادة, هو الذي سيُقرِّر مستقبل ايران في الفترة المقبلة, عندما يختار خلفاً للمرشد الحالي الذي يرشح أنه يعيش اوضاعاً صحية صعبة ويفكر بالتخلي عن «وظيفته» رغم انه صغير السّن نسبياً (مواليد العام 1939)، ما يعكس طبيعة وحجم الصراع المحتدم الان وخصوصاً بعد المعرفة الجزئية باسماء وانتماءات الذين فازوا بعضوية هذا المجلس عن العاصمة طهران, حيث ظهر في المقدمة هاشمي رفسنجاني تلاه «المُحافظ جِداً» محمد إمامي كاشاني فيما حلّ الرئيس الحالي حسن روحاني في المرتبة الثالثة، ما اثار تكهنات بأن مجلس خبراء القيادة سيكون تحت سيطرة الاصلاحيين، الذين وإن لم يتأكد فوزهم الكاسح حتى الان، إلاّ انهم تَعَرّضوا الى هجوم كاسح ولاذع وتخويني تَصَدّْره رئيس السلطة القضائية «المحافظ» آية الله صادق لاريجاني (شقيق رئيس مجلس الشورى الحالي علي لاريجاني) الذي ندّد بأولئك الذين «حاولوا بالتنسيق (...) مع وسائل الاعلام الاميركية والبريطانية, اقصاء بعض خُدّام الشعب عن مجلس الخبراء».
السجال بين المعسكرين في ايران لم يتوقف حتى في عهد الامام الخميني, الا أن التطورات المتسارعة والمستجدة في ايران, سواء على الصعيد الداخلي, حيث سجّل المعتدلون و»حكومة» روحاني اكثر من نقطة لصالحهم, بعد التوقيع على الاتفاق النووي وبدء رفع العقوبات وعودة الاستثمارات ولو تدريجياً, ما زاد من شعبيتهم وتجاوب شرائح اجتماعية مع خطابهم الذي قد تكون تمت ترجمته في صناديق الاقتراع, سواء لانتخاب اعضاء مجلس خبراء القيادة (86 عضواً) أو لانتخاب مجلس الشورى (حالياً 290 سيرتفع في الدورة الراهنة الى 310 اعضاء) أم أقليمياً حيث تحتدم المواجهة الايرانية السعودية وتأخذ اشكالاً ومقاربات متعددة, لم تُحسم كثير من ملفاتها لصالح أحد من العاصمتين طهران والرياض, ما يفتح الفرصة لمزيد من التجاذبات داخل المعسكرين المُتخندِقين في ايران, ويمنح ريح اسناد للمحافظين الذين يُراهِنون على مزيد من التشدد بهدف احراج المعتدلين وفي الآن ذاته منح الاولوية لخيار الحسم العسكري, يؤيدهم في ذلك وبقوة الحرس الثوري الايراني وقوته الضاربة التي تعمل في اكثر من ساحة اقليمية في شكل مُعلن (اقله عبر ارسال الخبراء والمدربين في العراق وخصوصاً سوريا).
اللافت هو مسارعة المحافظين برموزهم المعروفة التي تتبنى خطاباً متشدداً وتدّعي طهارة ثورية وحرصاً أكبر على البلاد يقترب من احتكار الوطنية والحقيقة, الى تخوين الاخرين ونعتهم بأوصاف مُهينة وغير اخلاقية, وكثير مما تعج بها قواميسهم, على نحو يُثير الريبة والشكوك في أنهم لن يتورعوا – كما فعلوا في السابق وخصوصاً في عهد الرئيس محمد خاتمي – عن اغتيال وتصفية خصومهم أو منافسيهم, وليس ما يجري الان من تشويه لسُمعة المُعتدلين, فقط لأنهم فازوا ببعض المقاعد وربما بنسبة وازنة عندما تظهر النتائج, سوى مقدمة لهدر دمائهم وتصفيتهم واعطاء المبررات المُسْبَقة لما ينوون القيام به, والا كيف لهم ان لا يخضعوا لقواعد اللعبة الديمقراطية, ما دام مجلس تشخيص مصلحة النظام قد «غَرْبَل» الاسماء واستبعد من «شَكّ» بأنهم غير مؤهلين للتنافس, سواء لمجلس الخبراء أم لمجلس الشورى, وعندما فاز «بعض» هؤلاء اصبحوا متآمرين يُنسِقون مع وسائل الاعلام البريطانية والاميركية؟
(الرأي 2016-03-01)