رياح التغيير تهب على طهران
![رياح التغيير تهب على طهران رياح التغيير تهب على طهران](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/2c73a0c4a38298672699edb311a7a312.jpg)
لم تحظ الانتخابات البرلمانية لمجلس الشورى (البرلمان) ومجلس الخبراء في إيران بالاهتمام الذي تستحق من قبل الإعلام العربي، على عكس الاهتمام الكبير من جانب الإعلام الغربي بالانتخابات الأولى بعد توقيع إيران الاتفاق النووي مع الولايات المتحدة والدول العظمى الأخرى.
لعل عدم الاهتمام يأتي بوصفه موقفاً سياسياً من السياسات الإيرانية في المنطقة العربية، ويرجع إلى الصورة السلبية التي يحملها الرأي العام العربي والنخبة السياسية العربية حيال إيران، نتيجة لتدخلها في العديد من دول المنطقة.
السبب الثاني الذي يفسر عدم الاهتمام بالانتخابات الإيرانية، هو القناعة السائدة بعدم وجود فروقات بين الإصلاحيين والأصوليين؛ أي إن السياسة الإيرانية واحدة بصرف النظر عن هذه التقسيمات. لكن واقع التقدم الذي أحرزه تيار الإصلاحيين والمعتدلين في انتخابات مجلس الشورى ومجلس الخبراء، قد يكون مؤشراً على بدء عملية طويلة من التحولات السياسية في إيران. فالتيار الإصلاحي الذي حقق نتائج طيبة في هذه الانتخابات، يمتلك توجهات وآراء مختلفة عن التيار المتشدد حيال العديد من الملفات، وبخاصة فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، والانفتاح على المجتمع الدولي؛ لأن إيران والشعب عاشا شبه عزلة عن العالم بسبب الحصار والمقاطعة والعقوبات الاقتصادية. والرئيس حسن روحاني كان بحاجة لقطف ثمار الاتفاق النووي داخلياً وتحقيق انتصار ولو رمزي، على تيار المتشددين، وهو بالتأكيد حصل عليه، ويرى فيه تأييداً لسياساته.
لم يحقق الإصلاحيون نصراً حاسماً على الأصوليين، ولكنهم أحرزوا تقدماً ملحوظاً عليهم، فلم يعد مجلس الشورى في قبضة الأصوليين، وقد يكون الأهم أن هؤلاء فقدوا السيطرة على مجلس الخبراء الذي حصل الإصلاحيون على أغلب مقاعده، مايمكنهم من اختيار المرشد الأعلى للجمهورية بعد رحيل المرشد الحالي.
إيران ليست دولة ديمقراطية، بل هي دولة ثيوقراطية تحكمها ولاية الفقية، لكنها تستخدم بعض الآليات الديمقراطية لتجديد نخبتها الحاكمة من رجال الدين والسياسيين. وعليه، فإن النجاحات التي حققها التيار الإصلاحي لا تشكل استدارة تامة، ولا تعكس تغيراً نوعياً في النخبة السياسية والحياة السياسية في إيران، إلا أن ما يميزها هو صعود التيار الإصلاحي الذي جاء على حساب تراجع التيار المتشدد والأصولي، الأمر الذي قد يكون -بحد ذاته- مؤشراً قد يمهد لتطورات لاحقة أكثر دراماتيكية.
بصرف النظر عن حجم التغيير الذي جاءت به الانتخابات الإيرانية، إلا أن رياح التغيير بدأت تهب على طهران، والنتائج تدل على أن الإصلاحيين أصبح لهم حضور مهم في مجلس الشورى، وسيطرة تامة في مجلس الخبراء المسؤول عن اختيار المرشد. وهذا مؤشر على نجاح سياسات الحكومة الحالية، وبخاصة فيما يتعلق بالاتفاق النووي. كذلك، تعكس الانتخابات رغبة من جانب الإيرانيين لتغيير السياسات الحالية، والانفتاح على العالم. إلا أن ذلك قد لا يكون كافياً ليغير العرب سياستهم نحو إيران، ولكنه قد يكون مهما لاعطائهم الفرصة لتغيير سياساتهم.
ليس هذا هو التغيير المنشود في إيران، ولكنه قد يشكل بداية لمرحلة جديدة في الحياة السياسية الإيرانية.
(الغد 2016-03-03)