الطريق واضح .. والقتلة واضحون
![الطريق واضح .. والقتلة واضحون الطريق واضح .. والقتلة واضحون](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/87738a772fa5f69210e59de8ef6f7af7.jpg)
الطقس ربيعي مبكر، والجو معتدل يميل الى الدفء، ورياح الشمال البعيدة تحمل سربا من الطيور المهاجرة وشيئا من حزن الرحيل . كانت الطريق الى اربد واضحة, ولكن المدينة في تلك اللحظة لم تكن عادية فقد غرقت المدينة في هدوء ما قبل العاصفة، وكان كل شيء تحت السيطرة .
في اربد كان المشهد واضحا، والقتلة معروفون مراقبون مكشوفون محاصرون، هم من ضحايا التسمم الروحي ، تحركهم رغبات العالقين في الماضي ، وعدوهم بالجنة عبر بوابة الموت . في تلك اللحظة كان راشد الزيود متأهبا يحتضن البندقية التي داعبتها انامله وهو في مهد الطفولة، تلك البندقية التي حملها والده من قبله باعتزاز، الى أن هبت العاصفة، فتفوق راشد على ذاته، حين قاتل ببسالة ، دفاعا عن سلامة المواطنين وأمن البلد، وعن صواب عقله وقلبه ومعتقده وشرفه العسكري, حتى لحظة الوداع ، حيث صعد شهيدا مثل وردة معلقة على سياج الوطن .
قاتل راشد الزيود ببسالة، تقدم رفاقه بقناعة المحارب الفارس، غاب عنا وهو يحمل بندقيته التي حجبت عنا المفاجأة . لم يكن الشهيد ضحية رصاصة طائشة او حادث سير مؤسف، بل هو شهيد الواجب في معركة وقائية استباقية خاطفة رادعة ضرورية لدحر الارهاب في مهده ، قبل تنفيذ العملية الارهابية التخريبية الكارثة، ومن أجل اسقاط عادة الانحطاط المشبعة بغرائز الشارع المضلل بالفكر الارهابي ، والاصطفاف الانتحاري المزدحم بعشاق الموت المجاني, فاستحق شهيدنا المجد وكل المدائح والقصائد والنشيد، لأنه توج عمره ومسيرته العسكرية بهذا المشهد الذي جسد ذروة التضحية ، فبعث فينا روح الاعتزاز والفخر.
كنا ، وما زلنا نؤمن ، أن هامش تحركهم في الاردن ضيق جدا ومحاصر، بفضل يقظة المؤسسات الامنية ووعي المواطن ، ولكنهم اغتالوا روحنا العربية في أكثر من عاصمة وأرض . لذلك الجرح عميق ، وموجع ، لقد جرحونا هنا وهناك ، حتى ادركنا ان العاصفة يجب أن لا تتوقف في منتصف الطريق . اذكر أن شاعرنا الراحل محمود درويش كتب عبارة تقول :» الجرح لا يقوّي مناعة الجسد فحسب بل ينشب مخالب الروح « ، وهنا الجرح يأمرنا ان لا نوقف المعركة ضد الارهاب ، يجب أن تتواصل بلا تهاون ، من أجل أمن واستقرار الاردن ، ومن اجل سلامة المجتمع .
ولكن من الضروري أن لا تتحول المعركة الى عبء أمني ، وعلى عاتق الاجهزة الامنية وحدها، فالمعركة امنية عسكرية كما هي سياسية اقتصادية فكرية ثقافية تربوية اعلامية شاملة ، يجب استخدام كل الوسائل المتاحة ، اولها الشروع بحملة توعية مقنعة تشمل المدارس والمعاهد والجامعات والمساجد وكل المؤسسات، من أجل قهر الظلامية الهمجية الجاهلة ، التي يسهل على التيار التكفيري توظيفها واستخدامها لتحقيق اهدافه ومقاصده .
ويجب ان لا ننسى ، أو نتجاهل ، أن هذا التياريتسلح باستحضار المقدس ، وينشط في أحزمة الفقر حيث يجد التربة الخصبة التي تساعده على تنظيم الشباب من المحتاجين العاطلين عن العمل ، وفي وسط الفئات المحرومة ، كما يسعى الى تجييش الغاضبين بسبب غياب عدالة التوزيع التنموي وانعدام فرص العمل . لذلك يجب تسريع برامج التنمية في المناطق الاقل حظا ، وانشاء مشروعات انتاجية توفر المزيد من فرص العمل لتأمين حياة كريمة للمواطن ، ورفع مستوى معيشته ، كذلك الاسراع في تحقيق مراحل الاصلاح التدريجي ومكافحة الفساد .
اخيرا نقول أن المعركة ضد الارهاب تتكون من عدة جبهات وعلى مختلف الصعد .. وحمى الله الاردن .
(الرأي 2016-03-07)