هل يُرشِّح الديمقراطيون «جو بايدن».. للرئاسة؟
يبدو السؤال أعلاه غريبا وربما «غبياً» اذا ما اخذنا في الاعتبار جملة من الحقائق او قل البدهيات, تقف في مقدمتها ان نائب الرئيس الاميركي الحالي و»الموجود» في منصبه منذ ثماني سنوات تقريباً، اعلن على الملأ انه «لن» يُنافِس على نيل بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي لمعركة الرئاسة التي ستتم في الثامن من تشرين الثاني المقبل، وهو ما اعتُبِر في حينه انه «خضوع» لضغوط عديدة، كي يمنح الفرصة لهيلاري كلينتون التي وبعد هزيمتها امام المنافس وقتذاك على بطاقة الترشح باراك أوباما، انضمت وزوجها الى حملة «اوباماــ بايدن», ما اعتبره كثيرون في الحزب الديمقراطي , مثابة «دَيْن» في عنق أوباما, عليه أن يُسدِده في انتخابات العام 2016 وها هو قد حصل، فضلاً عن ان معركة المنافسة لنيل تلك البطاقة آخذة في الاحتدام, وبخاصة بعد نتائج الثلاثاء الكبير, التي منحت افضلية (حتى الآن) لهيلاري كلينتون في مواجهة «اليساري او الاشتراكي» بارني ساندرز الذي تتقدم عليه كلينتون بأكثر من ألف مقعد (تحوز حالياً على 1052 مقعداً من أصل 2383 يجب ان تحصل عليها, كي تفوز ببطاقة الديمقراطي).
يُضاف الى ذلك كله, ان بايدن اعلن دعمه الواضح لكلينتون,ناهيك عن انه ورئيسه, يستعدان لجمع حقائبهما ومغادرة البيت الابيض الى غير رجعة (دستورياً بالطبع).. فكيف يمكن طرح سؤال «غبي» كهذا؟ اللهم الا اذا كان المقصود, التوطئة للحديث عن جولته الراهنة في «الشرق الأوسط» والتي يبدو انها ستكون جولة وداعية (الا اذا عاد رئيساً للولايات المتحدة) وهي جولة بدأها من دولة الامارات العربية المتحدة والتي ستقوده الى دول عربية عديدة من بينها الأردن وسيزور ايضا اسرائيل و»الأراضي» الفلسطينية، اجتهد البعض في القول انها قد تكون المحاولة الاخيرة من قبل ادارة اوباما لاحياء المفاوضات بين السلطة وتل ابيب, وذهب معلقون اسرائيليون الى التشكيك (كعادتهم) في نوايا الرئيس الأميركي الذي ربما يأمر مندوبته في مجلس الامن سامنثا باور, بعدم استخدام الفيتو ضد اي مشروع قرار فرنسي (أهي صدفة ان يكون بايدن في المنطقة في الوقت ذاته التي يزورها لاول مرة كرئيس للدبلوماسية الفرنسية جان مارك ايرلوت؟) ُيقال انه سيُطرح على مجلس الامن قبل نهاية العام الجاري، بل ثمة منهم (الاسرائيليون) من قال: ان هناك تنسيقا بين واشنطن وباريس في هذا الشأن، ولهذا نلحظ ان السلطة الفلسطينية (مثلا) وبعض العرب يرحبون بالمسعى الفرنسي (يصِفونه بالمبادرة الفرنسية, رغم انه يمكن ان يكون أي شيء ما عدا اعتباره مبادرة) فيما يعارضها نتنياهو بشدة ويتوجس قادة ائتلافه اليميني الحكومي منها. دون ان نُهمل دلالات «الجديد» في تصريحات جو بايدن وبخاصة حول سوريا حيث يقول لصحيفة اماراتية: ان الحل السياسي هو الطريق «الوحيد» لوضع حد للعنف في سوريا، ونعمل حاليا (يقصد ادارته) لاعادة نظام الاسد والمعارضة الى طاولة المفاوضات لانه – في نهاية المطاف – لم يتغير الهدف، الحل السياسي بين الاطراف طريق وحيد لانهاء العنف.
فأين ذلك كله وما صلته بتوقع جلوس جو بايدن «رئيساً» في المكتب البيضاوي؟ للحكاية أو التوقُّع جذر اسرائيلي (كالعادة) وهو عادة لا ينطلق من فراغ ولتكن مهمتي في هذه العجالة «المُثيرة» وغير المنطقية (ان شاء البعض) نقل ما كتبه ناحوم برنياع، كبير كُتّاب الأعمدة في صحيفة «يديعوت احرونوت» يوم الجمعة الماضي (4/ 3) في مقال له من الولايات المتحدة تحت عنوان: هي مُملِّة وهو مُسْتَفِز (يقصد بالطبع هيلاري كلينتون ودونالد ترامب) وبعد ان يمضي في سرد قصة صعود نجم «صغير» اسمه بيل كلينتون،من المغمور الى فضاء السياسة الاميركية, وكيف احتقره او استصغره اسحق رابين (قبل ان يكتشف خطيئته).. الى ان يصل الى قراءة ربما تكون صعبة الابتلاع والهضم، لكنها تستحق القراءة.. «هناك الكثير من السيناريوهات التي تتوقع هزيمة كلينتون في اللحظة الاخيرة. احدهما – يمضي الكاتب – يتحدث عن «قرار» الـ(F.B.I) فتح تحقيق جنائي في قضية البريد الالكتروني الخاص بها، والذي شمل معلومات سريّة، ويُفترَض اتخاذ هذا القرار في الصيف، عشية انعقاد مؤتمر الحزب الديمقراطي وستتم – ما يزال برنياع يواصل – ممارسة الضغوط الكبيرة من اجل سحب ترشيحها و(نَقْل) المقاعد الى نائب الرئيس بايدن، الذي سـَ»يَقْبَل» قرار الحزب ويقوم بترشيح نفسه، بدلاً منها.. لقد ألمح ترامب – والقول لبرنياع – في هذا الاسبوع لهذا الاحتمال عندما قال: إن من المشكوك فيه ان تستطيع كلينتون ترشيح نفسها. سيناريو آخر يتحدث عن تدهور صحتها. ختم ناحوم برنياع.
أين من هنا؟
هل يحدث سيناريو (غير خيالي) كهذا؟
الأيام «الأميركية».. ستُخُبِرنا.
(الرأي 2016-03-09)
