حبيبتي 14 آذار
![حبيبتي 14 آذار حبيبتي 14 آذار](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/a634e80c615dbda9f40962f91bf34ca8.jpg)
نعيش هذه الأيام ذكرى 14 آذار، الحدث الأجمل في تاريخ اللبنانيين، وكما حرّر أفراد عزّل بلادهم من وصاية نظام مستبد وطاغية، سيحررونها من الميليشيا المجرمة.
نعم هي حبيبتي الدّائمة، فهي الجين الأساس والرئيس في تشكيل عقلي السياسي، مع العلم بأن علاقتي بها لا تخضع لقوانين العقل والسياسة، لأننا نتحدث هنا عن قصة عشق أكثر من أيّ شيء آخر.
الصحافة اللبنانية وبعض الساسة ينعون ثورة الأرز وقوى 14 آذار، وهؤلاء هم أصحاب المصالح، يقيسون تحركاتهم وفق بوصلة الزعماء، لكننا شعب 14 آذار لا علاقة لنا بالزعماء، فالزعامة الوحيدة في شرعنا معقودة لساحة الشهداء، هناك ولدنا وهناك انتصرنا وهناك نموت.
لا يهمنا أن وليد جنبلاط تموضع في الوسط، ولا يعنينا أن وقع خلاف بين د. سمير جعجع والشيخ سعد الحريري، لأنّ شعب 14 آذار لا يمثل الزعماء، بل إن الزعماء هم من يمثلوننا، ومن يخذلنا منهم فتلك مشكلته.
تعرّضنا نحن معشر الآذاريين لمليون مؤامرة وانتصرنا عليها جميعا، بشار الأسد قال “أنا ربّكم الأعلى” فانتهى عبدا في قصر المهاجرين لسيّد إيراني ولسيّد روسي.
ما يسمّى بحزب الله الذي قتل شهداءنا واستباح دولتنا صنّفه العالم كتنظيم إرهابي، وإيران فقدت كل تعاطف او احترام على مستوى العرب والمسلمين، أما عمّن ظنوه حصان طروادة، الجنرال ميشال عون، فلم يدخل قصر بعبدا ولن يدخله بإذن الله.
امتازت ثورة 14 آذار بأنها جسدت في لحظة واحدة التقاء نقيضين، لبنان الذاكرة ولبنان الواقع، لذلك كان مصدر قوة 14 آذار هو أنها عبّرت بذلك الالتقاء عن لبنان الحقيقة، المليونية التي عمرت قلب بيروت لم تتألف من مسلمين ومسيحيين، بل تشكلت من اللبنانيين حصرا، لم يقل أولئك اللبنانيون ما قاله رياض الصلح وبشارة الخوري “لا شرق ولا غرب”، ولم يقولوا ما قاله حافظ الأسد “لا شرق ولا غرب ولا لبنان”، لقد أعلنوها صريحة “نحن الشرق والغرب ولبنان”.
إنجازات 14 آذار لا لبس فيها، أنهت الوصاية السورية على لبنان، وأطلقت المحكمة الدولية، وانتزعت اعترافا عمليا من نظام البعث السوري بسفارة في بيروت، لكن هناك إنجاز أهم من ذلك كله لم يتحدث عنه أحد، بفضل 14 آذار سقطت كل أقنعة الزيف التي اختبأ خلفها ما يسمى بحزب الله
إنجازات 14 آذار لا لبس فيها، أنهت الوصاية السورية على لبنان، وأطلقت المحكمة الدولية، وانتزعت اعترافا عمليا من نظام البعث السوري بسفارة في بيروت، لكن هناك إنجاز أهم من ذلك كله لم يتحدث عنه أحد، بفضل 14 آذار سقطت كل أقنعة الزيف التي اختبأ خلفها ما يسمّى بحزب الله، لم تخل عاصمة عربية من صور أمين الحزب الإلهي السيد حسن نصرالله، اليوم تحوّلت الصور إلى شتائم، وكانت لحظة البداية في 7 أيار 2008 حين احتل بيروت وروّع الجبل، منذ ذلك التاريخ بدأ تدحرج الحزب الإلهي نحو الهاوية.
ولعل أهم ما ميز 14 آذار كفكرة، هو تبصّرها قبل عقد من الربيع العربي بالشعار الترياق لعالم العرب: الدولة والاعتدال، وما مشكلاتنا اليوم إلا انهيار الدولة وسقوط الاعتدال، لذلك قد أفهم من يقول إن 14 آذار ولدت قبل أوانها، لكنّي أتعجب حقيقة من أولئك الذين يريدون دفنها قبل وفاتها.
كنت أتساءل: كيف استمر الناصريون على ناصريّتهم بعد نكسة 1967؟ ولقد عرفت الجواب في زمن آخر ولحظة أخرى، الحكومة المصرية تقرّر اقتحام ميدان رابعة العدوية، ونتفاجأ باستقالة الرمز محمد البرادعي من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية، عن نفسي استمرّيت برادعاويا رغم خطأ البرادعي كما استمر الناصريون بعد هزيمة عبدالناصر.
تبدو السياسة للوهلة الأولى خالية من المشاعر، لكنّها في بعض اللحظات تصبح هي المشاعر كلها، وهذه هي حكايتي مع 14 آذار، إلى تاريخه لم تهزم ثورة الأرز، نستطيع أن نرصد خيبات أحزابها وانكساراتها، لكن أفكار 14 آذار صامدة وحية أكثر من أيّ وقت مضى، ما زال أغلب اللبنانيين ضد حزب الله وإيران وسوريا البعث، وما زال أغلب اللبنانيين مع الدولة والاعتدال ضد الإرهاب والميليشيا وولاية الفقيه، ولو تعلقنا ببعض الغرور قد نجد صورة مبهرة، 14 آذار باقية وتتمدد، بدأت في لبنان وانتقلت إلى سوريا ضد بشار الأسد، والجامعة العربية تبنّت موقفها من حزب الله واعتبرته إرهابيا.
نعيش هذه الأيام ذكرى 14 آذار، الحدث الأجمل في تاريخ اللبنانيين، وكما حرّر أفراد عزّل بلادهم من وصاية نظام مستبد وطاغية، سيحررونها من الميليشيا المجرمة والعميلة، الأيام بيننا وستذكرون ما أقول، والعاقبة للمتقين.
(العرب اللندنية 2016-03-13)