البحث عن القضية الفلسطينية في الذاكرة العربية !

تم نشره الإثنين 14 آذار / مارس 2016 01:15 صباحاً
البحث عن القضية الفلسطينية في الذاكرة العربية !
محمد كعوش

الرياح الساخنة العاصفة التي هبت على البلاد العربية ، ابعدتنا ، في وقت ما ، والى حد ما ، عن القضية الفلسطينية وعن التطورات الدامية في الداخل المحتل ، منذ اندلاع الربيع العربي ، حتى آخر طفل شهيد في شوارع القدس المحتلة. يعتقد البعض ، للأسف ، أن الكتابة عن قضية الشعب الفلسطيني في زحام الموت المجاني العربي غير جاذبة لآهتمام القارىء ، أو أن الكتابة عن قضية العرب المركزية تاتي ضمن الكتابة عن التراث والفولكلور!!

نعترف ، وبصراحة ، وبكل الحزن العربي ، أن اسرائيل نجحت في انتزاع قضية الشعب الفلسطيني من الذاكرة العربية ، بمقدار نجاحها في انهاء الصراع العربي الاسرائيلي ، وتحويل القضية الفلسطينية الى قضية أرض متنازع عليها. السبب أن هناك في بلاد العرب من لا يفهم الفكرة الصهيونية ، ولا مقاصد واسلوب عمل الحركة الصهيونية واهدافها الاستراتيجية وخططها المستقبلية.

المجتمع الاسرائيلي بغالبيته ، ان لم يكن كله ، تحرك نحو اليمين المتشدد ، وتكيّف مع الاحتلال ، وتعايش مع الخرافة ، وآمن بيهودية الدولة ، لأن هذا المجتمع استفاد من الاحتلال المريح طوال عقود مضت ، فقد وفر له احتلال الاراضي الفلسطينية غير المكلف جيشا من الايدي العاملة الرخيصة المستخدمة في الصناعة والزراعة والبناء ، في ظل صمت عربي وتعاطف دولي.

واجه هذا المجتمع اليميني المتشدد والمتطرف بعض الهبات والانتفاضات الشعبية في فترات متقطعة دون تحقيق انتصارات سياسية حاسمة ، وهي موجات غضب موسمية لا تشكل قاعدة لمقاومة منظمة طويلة النفس رغم التضحيات الكبرى ، فالمواجهة غير متكافئة بوسائلها ، السكين في مواجهة البندقية ، والحجر في مواجهة الدبابة ، تشكل مشهدا لم يعد يهز ضمير العالم الذي اصبح عاجزا عن الادانة ، رغم وجود الشاهد والصورة والضحية.

يتحدثون عن حتمية اعادة الحوار واحياء المفاوضات لتحقيق السلام على قاعدة حل الدولتين ، في ظل انقسام فلسطيني داخلي ، ومصالحة فلسطينية مستحيلة ، وفي غياب اي دور عربي مساند ، وبوجود ضمير عالمي يحزن على الجندي الاسرائيلي الذي يزعجه الحجر الذي يقذفه طفل فلسطيني ، فيحرمه من شرب قهوته بهدوء ، فيضطر الى قتله بلا محاكمة ، حيث تحول جيش الاحتلال الى فرق اعدام !!

وما يثير الاستغراب والدهشة أن الدولة الراعية لمفاوضات السلام ، وأعني الولايات المتحدة ، اصبحت غير مكترثة بهذه القضية ، وادارت ظهرها للعملية السلمية الوهمية ، حتى قبل حلول موسم الانتخابات الرئاسية. الثابت أن الرئيس اوباما لم يعد لديه اية اوهام حول قضية السلام في الشرق الاوسط ، فهو على يقين بأن رئيس حكومة اليمين المتطرف في اسرائيل نتنياهو لايريد المفاوضات ، ولا حل الدولتين ، لأنه غير مقتنع بالحل ، كما هو اسير الوضع الداخلي الاسرائيلي ويخشى غضب الاحزاب المشاركة في حكومته والاحزاب المعارضة ايضا ، ولم يجد امامه سوى طريق الهروب الى الامام والاستمرار في قضم الاراضي الفلسطينية وتنشيط حركة الاستيطان وتنفيذ مشروع التهويد.

بالمقابل ، هناك السلطة الفلسطينية العالقة في وسط الطريق ، محاطة بواقع عربي يائس بائس ، وباحداث عربية مأساوية دامية ، ولا تملك خيارات سوى الانتظار الذي يشبه الموت البطيء ، في غياب الخيارات الاخرى ، بعدما اسقطت خيار المقاومة. لذلك لم يجد الشعب الخاضع للاحتلال سوى الانتفاضة والعصيان واستخدام الحجارة والسكاكين لمقاومة الاحتلال المتوحش وجعله اكثر كلفة على المجتمع الاسرائيلي، وبالتالي اعادة القضية الفلسطينية من حفرة النسيان الى مكانها تحت الشمس.

(الرأي 2016-03-14)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات