يلوي ولا ينكسر

تم نشره الجمعة 18 آذار / مارس 2016 01:39 صباحاً
يلوي ولا ينكسر
الياس الديري

مررنا مرور الكرام بـ"حَدَث" جلاء اتفاق سايكس – بيكو عن المنطقة العربيَّة، مع اطلالة فجر اليوم الأخير في العام المئة لهذا الاتفاق الذي قيل فيه يوم توقيعه واعلانه "إن الشرقَ شرقٌ والغربَ غربٌ... ولن يلتقيا".

كذلك مررنا بتؤدة واقتضاب، بل بما يشبه اللامبالاة، عند منعطف اتفاق جديد قد يكون مماثلاً للقديم، لكنّه بين أميركا وروسيا هذه المرَّة. ولم يدبَّج خطياً ليقترن بتوقيع وزير خارجيَّة أميركا جون كيري ووزير خارجية روسيا سيرغي لافروف. إلا أنه "تُوّج" للحال بعنوان "أتفاق كيري – لافروف".

وأُتبع العنوان بتحليلات عابرة تقريباً، تحدَّثت بمجملها عن خريطة جديدة بديلة، تشمل المشرق العربي بكل دوله. وضمنها لبنان الكبير الذي يبقى موقعه على الخريطة الجديدة كبيراً، إنما معنوياً، لا زيادة ولا نقصان. ومشمولاً بالرعاية والاهمال ذاتهما في مختلف حالات الزمان عليه. لا أكثر ولا أقل.

لبنان الكبير معنويّاً، الصغير جغرافياً، المشتَّت داخلياً، والشهير بتعدّد طوائفه وفئاته وانتماء ملايينه المتواضعة جداً الى تحالفات متناقضة ومتواجهة، مع هذا الخارج أو ذاك، وتحت لافتة واحدة: "الحلفاء". حلفاء في الداخل وآخرون في الخارج.

تتبدَّل الخرائط، تتغيَّر الاتفاقات، تتلوَّن لائحة التحالفات بتعديلات مختلفة، إلا أن هذا اللبنان العاجق الكون بأرزاته وشواطئه الوسخة، وزبالته التي اجتازت أخبارها وروائحها البحار السبعة، يبقى كما هو بنظامه الديموقراطي البرلماني الميثاقي الفوضوي المعرَّض لهبات ساخنة تطفئها هبَّات أشدُّ سخونة.

وغالباً ما يستدرجه هذا الفريق أو ذاك من أبنائه الأبرار الى فخ لا يستطيع التخلّص منه إلا بالسقوط في فخٍّ آخر، حتى قيل فيه ما قاله المبدع فؤاد كنعان في بطل قصَّته الأخيرة: يا صبي يا أزعر يا لذيذ، لا مناص من القصاص.

وهو اليوم بالذات ومنذ سنتين، وقبلهما خمس سنوات مدعومة بعشر من حروب الآخرين، وحروب المتهافتين في الداخل على المناصب والمكاسب... كما لا يزال الحال والوضع حتى كتابة هذه "النهاريات"، وربما الى أبد الآبدين.

غير أنه سيظلّ، كما قلنا عنه يوماً في عزّ فيضانات القنابل والقذائف بكل أنواعها وأسمائها والخراب الذي تخلِّفه وراءها: يلوي ولا ينكسر. ليس لأنَّ أبناءه يحرصون عليه، ويتفانون بالدفاع عن وجوده وصيغته ونظامه وفرادته، إنما لحاجة عربيَّة دوليَّة الى استمرار وجود هذه "الجزيرة" المرهقة والدائمة الإرباك.

الغاية من كل هذه الديباجة القول للبنانيّين، المنهكين بكل أنواع الأزمات وأسمائها وأحجامها، إن الفراغ الرئاسي لن يتمكن من التمدُّد حتى اطلالة موسم السياحة والاصطياف كالمعتاد.

بلى، سيكون صيف هذه السنة برعاية رئيس يضفي وجوده في قصر بعبدا جواً من الإرتياح والاستقرار والانفتاح والأمان.

إلا إذا... لا سَمَح الله.

(المصدر: النهار 2016-03-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات