برنامج الإصلاح الاقتصادي بين الحكومة والصندوق
استدعت الحكومة الأردنية صندوق النقد الدولي بشكل اختياري ، دون أن تكون مضطرة لذلك ، والهدف هو الاستعانة بخبرات الصندوق في عملية الإصلاح الاقتصادي ومعالجة الاختلالات التي يشكو منها الاقتصاد الوطني ولا ينكرها أحد ، فضلاً عن كسب ثقة المانحين والمقترضين بحسن إدارة الاقتصاد الأردني.
لم يتم استدعاء الصندوق لكي نختلف معه ، أو نرفض توصياته او نحاول المساومة عليها للتوصل إلى حلول وسط اي انصاف حلول ، بل لكي نقوم بما يجب القيام به ، ليس لمصلحة الصندوق ، فليس له مصلحة ، بل لمصلحة الأردن أولاً وأخيراً.
الحكومة الأردنية أحرص من الصندوق على عملية إصلاح حقيقية تخدم الاقتصاد الوطني ، فلماذا تعترض على أبسط الاقتراحات لتحقيق هذا الهدف ، لا لشيء إلا لانها تفضل السلامة وتجنب اتخاذ قرارات صعبة ، وتفضل بالتالي ترحيل المشاكل والتحديات والازمات إلى الحكومات القادمة.
تخطط الحكومة لتقترض هذه السنة مليارين من الدنانير لسد عجز الموازنة المركزية وموازنات الوحدات الحكومية المستقلة ، ويريد الصندوق أن تنخفض نسبة المديونية إلى الناتج المحلي الإجمالي من 84% في نهاية 2015 إلى 70% بعد ثلاث إلى خمس سنوات.
هذا الهدف المرغوب فيه لا يحدث تلقائياً ، فلا بد من إجراءات ، مما يتطلب أولاً خفض العجز في الموازنة لتقليل الحاجة للاقتراض الذي يجب أن لا يزيد كثيراً عن التسديد ، على أن يرافق ذلك رفع معدل النمو الاقتصادي بحيث يرتفع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 5% بالأسعار الثابتة بدلاً من 3% ، وأن يكون الارتفاع بالأسعار الجارية 5ر7% بافتراض تضخم معتدل في حدود 5ر2%. بعبارة أخرى يجب أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بأسرع من نمو المديونية ، مما يخفض نسبتها ويحقق الهدف أو يقترب منه.
تخفيض عجز الموازنة لا يكون بزيادة الإيرادات فقط ، بل بخفض النفقات الجارية أيضاً. وفي المقدمة دعم الكهرباء والماء والخبز والأعلاف.
في بلد محدود الدخل كالأردن من غير المعقول أن يصل الإعفاء الشخصي إلى ألفي دينار في الشهر ، مما يخرج أكثر من 90% من المكلفين من نطاق الضريبة الوطنية. نصف هذا الإعفاء كاف ٍ.
حكومة الدكتور عبد الله النسور في سنتها الأخيرة ، فهل تدخل التاريخ كحكومة قوية أجرت اصلاحات جوهرية ، أم حكومة رخوة تسترضي هذه الجهة أو تلك بالمزيد من الإعفاءات.
(الرأي 2016-03-20)