مسرحيتا "شكسبير منتقما" و"ايام اللولو" توحي بطروحات الروائي فوكنر
المدينة نيوز:- أوحى عرضا "شكسبير منتقما" للمخرج الاماراتي الشاب مهند كريم و"أيام اللولو" من تأليف وإخراج الفنان الامارتي القدير ناجي الحاي، بطروحات الروائي الاميركي صاحب نوبل للاداب عام 1948 وليام وفكنر في روايته "الصخب والعنف"، بتسليط الضوء على الجانب المخفي والمظلم مما يخفيه الانسان من شرور وظلم وطغيان، وان حتمية نتاج هذه الشرور، ثمن باهظ سيدفعه مرتكبها، للدفع تجاه البحث عن الفطرة الانسانية السليمة والمفقودة في زمننا هذا.
بهذين العرضين واصلت مساء أمس الثلاثاء، "ايام الشارقة المسرحية" دورتها الــ26 عروضها المسرحية على مسرحي معهد الثقافة بالشارقة، اللذين اثارا جدلا ونقاشا كبيرا لدى المتلقي والجمهور من حيث الجوانب الفنية للعرضين المسرحيين علاوة على ما تضمناه من محمولات.
العرض المسرحي "شكسبير منتقما" من انتاج فرقة عروض الشارقة للمسرحيات القصيرة والذي شارك فيه 3 ممثلين وممثلة، ومزج بين مقاطع لمسرحيات شكسبير الثلاث "عطيل" و"هاملت" وماكبث"، اتكأ على مدرستي التجريب والعبث، مقتربا من اسلوبية برتولد بريخت في كثير من المشاهد، خصوصا في الية تغيير الملابس التي كانت تتم على الخشبة وساهمت بتوفير آلية الانتقال من حالة الى اخرى والانتقال من مكان الى اخر، وهدم الجدار الرابع من خلال انشاء تواصل مباشر مع الجمهور.
وسعى كريم من خلال رؤيته الاخراجية التي حاول من خلالها التماهي من خلال المزج بين مسرحيات شكسبير الثلاث واعادة توليفها لكشف التشظي التي تعيشه شخصيات الرئيسة للمسرحيات الثلاث، ولا سيما شخصيات كلاودوس وماكبث واياجو إضافة الى الليدي مكبث، بغية المقاربة بينهم في موضوع الطغيان والشر والقتل والتنازع على السلطة والتآمر على الاخر.
مسرحية "ايام اللولو" التي تمثل عنوان ومطلع اغنية شهير للمطربة الراحلة صباح شكل مؤثرا موسيقيا قبيل الاستهلال ومفتاحا للعمل حمل في طياته معنى الماضي، كانت تهلل للمقتدر الناس وولى بحسب كلمات الاغنية، فيما المعنى الضمني هو ماضي مجتمعات دول الخليج التي كانت تعيش من صيد اللؤلؤ الا انها كانت تنعم بالبساطة والنقاء، وتحدثت عن الفساد المخفي داخل سيدة في خريف العمر مريضة بالزهايمر عاشت وزوجها الذي ارتحل نتيجة خسارته كل ثروته، حالة من الثراء الفاحش الذي تم اكتسابه بطرق غير مشروعة والتقنع الزائف بالتنصل من جذورها كونها ابنه سماك، وصراعها مع ابنتها التي تضطر ان تواجه الحياة التي لم تخترها منذ طفولتها، بعد فقدان هذه الثروة ووفاة والدها ومواجهتها لاستحقاقات الفقر ومرض والدتها التي ما تزال تعيش اوهام الثروة والطبقة المخملية والاصول الارستقراطية، ومواجهة نظرة المجتمع لها وهي بلا عمل كون والدها ارسلها في مرحلة الثراء لدراسة البالية منذ الصغر في مدرسة داخلية في بريطانيا لتعود الى مجتمع لا ينظر الى مهنة "الرقص" نظرة احترام وتقدير.
وسعى المخرج الحاي من خلال عرضه المسرحي الذي تميز فيه أداء الفنانتين الاماراتيتين بدرية احمد وبدور، الى تسليط الضوء على خفايا المجتمعات الخليجية، خصوصا بعد التغيرات التي انعكست عليها نتيجة مردودات ثروة النفط وما تبعه من تنصل للهوية الاجتماعية بموازاة ارتفاع مستوى الرفاه وغلبة الثقافة الاستهلاكية وسطوة المال وتفشي الفساد والزيف.
(بترا)