مراجعة الرؤية!
الرؤية عبارة عن تصور للمستقبل ، يجمع بين التنبؤ والتخطيط الإرادي. والمفروض بالرؤية أن تحدد أين نحن الآن ، وهذا سهل ، وأين سنكون مستقبلاً ، وعلى الأصح أين نريد أو نتمنى أن نكون في المستقبل.
أسوأ شيء في عمل الخبراء هو التنبؤ أو قراءة المستقبل ، فقلما يصدق ، وقد تبين أن حظ تنبؤات الخبراء من التحقق لا يختلف كثيراً عن حظ أية تنبؤات عشوائية ، فقد ثبت أن لا فرق يذكر بين نصيب تنبؤات الخبراء والجهلاء من التحقيق.
مع ذلك فإن للرؤية وقع خاص ، وقد رحل محمد حسنين هيكل وهو يحض الرئيس السيسي على الخروج برؤية من شأنها أن تعطي المصريين أملاً. وبالفعل جرى العمل على إعداد رؤية مصرية تصل لعام 2030 ومثل كل التنبؤات سوف لا تدلنا على ما سيحدث بل على ما لن يحدث في مصر خلال 15 عاماً!!.
ليس صحيحاً أن نجاح رجل الأعمـال مشروط بأن يكون صاحب رؤية ، وأن يستشرف السنوات القادمة ، فيسبق الخصوم ويتغلب على المنافسين. المرحوم سميح دروزة نموذج لرجل الاعمال الناجح فهل كانت لديه عندما تخرج من الجامعة رؤية أو توقع لبناء امبراطورية دوائية عابرة للحدود؟ بالعكس فقد ذهب دروزة إلى الجامعة الأميركية ببيروت ليدرس الفيزياء ، ولكن أستاذاً نصحه بالتحول لدراسة الصيدلة لأن الفلسطيني يحتاج مهنة وليس وظيفة!.
في هذا المجال لا يعتبر تغيير المسار واللجوء إلى الخطة (ب) دليلاً على الفشل ، بل ضرورة على طريق النجاح. عوامل النجاح ليست بنت رؤية بقدر ما هي نتاج قدرة على التكيف مع الظروف المتغيرة ، وامتلاك مؤهلات القيادة ، وتوفر الحماس والتصميم.
الاعتقاد بأن النجاح حليف الرؤية المستقبلية ليس صحيحاً بالمطلق فالنجاح يتطلب التنظيم وإعادة التنظيم والتصحيح والتجريب.
الخطط الخمسية التي مارسها الأردن في النصف الثاني من القرن العشرين كانت نوعاً من الرؤى. والمعروف أن أهداف تلك الرؤى لم تتحقق ، وفي كثير من الأحيان تحقق عكسها.
واضعو الرؤية العشرية تصوروا أنهم يمكن ان يتوقعوا تطور المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية والمالية وتمثيلها بأهداف رقمية ورسوم بيانية وجداول زمنية ، وللأسف لم تصدق التوقعات حتى في السنة الأولى. يكفي أن نقارن المؤشرات الواردة لسنة 2015 بما تحقق فعلاً.
(الرأي 2016-03-24)