«السفير»… وتجرّع السمّ العربي
أعرف الأستاذ طلال سلمان شخصياً، وأحترمه، وأعتبره صديقاً من بعيد، وأعرف جريدة “السفير” منذ كنتُ صبياً، وأحبّها، واحترمها، وأعرف أكثر: أنّ لحظة اعلانه عن توقفها، مطبوعة والكترونية، كانت بقدر تناول جرعة سمّ كافية لقتل قبيلة عربية بأكملها.
ولو كان من شأن “السفير” أن تُطلق وترعى أحسن رسامي الكاريكاتور العرب، الشهيد ناجي العلي فحسب، وتتوقّف هناك، فهذا سيكفيها ذِكراً في التاريخ، واحتساباً عند كلّ مَن سيذكر ما مرّت عليه الصحافة العربية المعاصرة من إبداع، فما بالكم بعشرات الكتّاب الذين صاروا نجوماً، يستأهلون أو لا يستاهلون، فتلك قصة اخرى.
والغريب أنّ هناك من يتشفى، ويشمت، في الصحيفة الرائدة التي كانت عنوان الحركة الوطنية العربية اللبنانية، ولكنّ هؤلاء الذين يستندون إلى أنّها كانت أداة سوريا وإيران، لا يعطون عقلهم مجرّد وقت قصير للتفكّر، فـ”السفير” لو كانت كذلك، لانهالت عليها الأموال الآن، للاستمرار؛ لأنّ طهران يمكنها الاستغناء عن ثمن دبابة، من أجل صحيفة، في قليل القليل.
“السفير” صحيفة ورقية تدفع فواتير العصر، فليس هناك من مكان للورق، وهي صحيفة مستقلة، وليس هناك من مكان لاستقلال وسيلة إعلامية، وهي مؤسسة يملكها رجل قدّر أن يضع مؤسسته العظيمة بين يديّ التاريخ، ولا نقول: عظّم الله أجركم، ولا ننتظر شكر الله سعيكم، فلسنا في بيت عزاء، ولكننا نرثي، هنا، الكثير من حياتنا الماضية، ولك منّا، يا طلال سلمان كلّ الاحترام، فمثلك من تُرفع له القبّعات.
(السبيل 2016-03-28)