مصابو الحرب السورية في الاردن بين المعاناة النفسية ومتطلبات استمرارية الحياة

تم نشره الإثنين 28 آذار / مارس 2016 10:08 صباحاً
مصابو الحرب السورية في الاردن بين المعاناة النفسية ومتطلبات استمرارية الحياة
ارشيفية - طفل سوري

المدينة نيوز:- لم تقتصر آثار الحرب السورية الدائرة رحاها منذ سنوات على القتل والدمار وتبعات اللجوء وآثاره النفسية والمعيشية، اذ امتدت نحو أثر سلبي آخر أوجد قرابة نصف مليون إعاقة تاه أصحابها في مناطق اللجوء كافة، وسط تواضع الخدمات التي تقدم لهم تبعا لا وضاع إعاقتهم وما تحتاجه من برامج علاجية سريرية ونفسية وأدوات معينة على استمرارية الحياة ضمن الحد الادنى من القدرة على الحركة .

المشاهد التي خلفتها الحرب يمكن وصفها بموت آخر يعيش المعاق حالات احتضاره كل يوم، فمن بتر أطراف الى تشوهات أو شلل نصفي وما يلازم هذه الاعاقات من آثار نفسية ربما احتاجت سنين طويلة لمعالجتها.

وكالة الانباء الاردنية ( بترا) التقت مجموعة من ذوي الاعاقات المقيمين في محافظة إربد وأطلعت على واقع إصاباتهم وأحوالهم وتطلعاتهم التي لا تتعدى في أحسن أحوالها مجرد حس إنساني يسهم في مساعدتهم على استمراريه حياتهم على الرغم من مرارتها على أمل ان تتحسن الظروف والاحوال في قادم الايام .

هؤلاء وأن افترقوا بالجغرافيا تبعا لمناطق قدومهم من المحافظات السورية ورغم أنهم أبناء بلد واحد الا أن ما جمعهم في الاردن وبخاصة في محافظة أربد تحديدا الهم الواحد الذي بات محفزا لوصول بعضهم الى بعض، والتلاقي والحوار والتباحث فيما آلت إليه أحوالهم الصحية لربما يتوصلون الى حلول تساندهم على العيش بكرامة ويحققون كفاف يومهم .

( بترا) زارتهم في عدة منازل ومنها منزل متواضع تجمعوا فيها بالمنطقة الجنوبية من المدينة والتقت مجموعة منهم واستمعت لسرد مفصل حول حالهم ومعاشهم ومعاناتهم، بعد أن فروا مكرهين هربا من ويلات حرب لا تبقي ولا تذر، فكان ملجأ الامان لهم في الاردن لكن سير الحياة وفق مجرى طبيعي بقي حلما يراودهم حتى الآن .

المشاهد في المنزل الذي زرناه لشخوص أنهكتهم الحياة جراء أوضاع صحية صعبة ، وإصابات ناجمة عن انفجارات قذائف أو براميل متفجرة أو حالات تعذيب ، أفضت الى بتر الاطراف أو الى إصابات بليغة في النخاع الشوكي نجم عنها شلل نصفي، أو لكامل الاطراف وغير ذلك من الإصابات الجسدية .

يؤكد هؤلاء أنهم يعيشون على الاعانات من جهات مانحة وهيئات محلية ودولية وجمعيات خيرية لكن معاناتهم لم تقتصر على مشكلة ما يتأتى من دخول مادية وتقسيمها بين أجور سكن فرضت الظروف الاقتصادية ارتفاعا في أسعاره ومتطلبات المعيشة الاخرى اذ يصرف جزء منها على رحلات علاج في حدودها الدنيا في ظل ضعف الامكانات الاقتصادية .

ويوضحون أن ما جمعهم في محافظة إربد وإن كانوا من مناطق متعددة من سوريا وهم في مقتبل العمر الصداقة والمحبة ومحاولة مساعدة بعضهم بعضا والتفكير المشترك، حول كيفية التخلص من تبعات ما أصابهم وآثاره النفسية القاتلة .

يقول الشاب عبدالله أنه كان يعاني شللا في أطرافه الأربعة ، وأصبح الآن يستطيع تحريك يديه فيما بقي الشلل ملازما لقدميه متطلعا الى أمل يعينه فيه رب العباد على تجاوز محنته وتحريك قدميه.

ويضيف أن العلاج الطبيعي والفيزيائي قد يسهم بحل الجزء الاكبر من مشكلته ولكن ارتفاع تكاليف العلاج وعدم وجود هيئات إغاثية داعمة تتكفل بتحمل نفقاته أو تأمين معالج فيزيائي حال دون مقدرته على المشي حتى الآن.

أما محمد الذي يعاني اثار بتر أطرافه السفلية فقد نجح بتركيب أطراف صناعية عندما وصل الى الأردن على نفقته الخاصة، إلا أن هذه الأطراف الصناعية ثقيلة جدا ووزنها يقارب 15 كيلوغراما، وهو بحاجة الى تركيب ركبة متطورة أو معدات ومقومات تساعد على المشي حتى يستطيع تحريك نفسه والانتقال من مكان لآخر، مشيرا الى حاجتهم الماسة لإجراء عمليات جراحية لبعض الإصابات التي من الممكن أن تساعدهم لتأمين أبسط الأشياء الخاصة بهم، بدلا من سهر عائلته" رغم قلة إمكانياتها"، طوال الليل على خدمته ومراقبة حالته الصحية.

وتتكرر مشكلة ثقل وزن المعينات الجسدية مع يحيى الذي يستخدم كرسيا متحركا يدويا يعاني ثقل وزنه وصعوبة حركته، مبينا أنه كان قد حصل على معالجة فيزيائية في مركز متخصص إلا أن بعد المكان ووقوعه على منطقة جبلية حال دون تكملة العلاج .

ويشير الى أنه قد حصل على معدات وجهاز يساعد على المشي كان بحاجة الى تعديلات لكن المشكلة تكمن في أن الجهات التي توفر هذه المعدات لا تتابع أي تفاصيل بشأنها لضمان ديمومتها وتقديمها الخدمة المرادة منها .

ويبدو أن مشاكل المعينات ومدى مواءمتها وحاجتها للتعديل أو الاصلاح غير المتوفر بين الحين والاخر لا تقتصر على مشكلة محددة ، فنوعية المنتج تؤدي دورا في الشفاء فيما تقف الفروقات الجسمانية بين وقت تجهيز المعين وتركيبه حائلا دون استخدامه إذ ان الجهة المانحة توفر أطرافا صناعية وفق مقاسات معينة للمصاب لكن حين موعد تركيبها لربما تكون بحاجة للتعديل وهو ما لا يتوافر ما يجعلها بلا فائدة للعلاج.

ويبرز الطفل قصي 11 عاما الذي أصيب بشلل نصفي ناجم عن إصابة بالعمود الفقري مشكلة عدم قبوله في المدارس الاردنية لأنها غير مهيأة لذوي الاعاقة.

ويروي بعضهم معاناته من المساعدات المالية التي تقدم لهم، حيث يحصل كل فرد من أسرته المكونة من خمسة أشخاص على كوبون بقيمة عشرة دنانير من الهيئات الإغاثية، ويتساءلون: هل مبلغ الخمسين دينارا يكفي طيلة أيام الشهر للمأكل والملبس والشرب ناهيك عن الأدوية والعلاج المتكرر، في ظل عدم وجود تأمين صحي لهم في أي مركز أو مشفى في المنطقة القريبة منهم.

ويقول أحمد المهدد بالطرد من بيته هو وزوجته وأمه وأطفاله الخمسة بحجة أن صاحب البيت يريد أن يرفع الأجرة من 220 دينارا الى 250 دينارا شهريا، "علما أن البيت متهالك وكان يؤجر في السابق بخمسين دينارا فقط.

ويتساءل كيف يستطيع تأمين أجرة البيت وهو لاحول له ولا قوة، مع العلم أنه حاول أن يعتمد على نفسه بعمل بعض اللوحات الفنية فقام بعمل لوحة فنية بطريقة شك الخرز استغرق فيها العمل مدة شهرين متتاليين لكنه تعرض لحادثة احتيال من شخص أدعى أنه سيساعده في الترويج لمنتجاته فذهب المنتج ولم يعد للآن .

ويقول شاهر ان الأوضاع المعيشية باتت صعبة للغاية عليهم فهم لا يريدون من الناس حسنة ويطمعون بالحصول على مهنة يستطيعون العيش منها وممارسة دورهم في المجتمع، عن طريق عمل برامج تدريبية خاصة بهم وبرامج تأهيل نفسي وبدني لإعادة دمجهم في المجتمع.

ويطالب هؤلاء المعنيين بالعمل على فتح مراكز تدريبية متخصصة ومهيأة لذوي الاعاقة لاستقبالهم ودعمهم ورعايتهم، وبخاصة مراكز الشباب التي تعنى بالرياضة لمثل حالاتهم، علما أنهم يمارسون لعب كرة السلة أحيانا في أوقات فراغهم، وتأمين دورات تدريبية في مجال الحرف اليدوية" الخرز والقش وصناعة السلال "، أو صيانة أجهزة الحاسوب وبرمجتها أو تصليح أجهزة الهواتف النقالة، بحيث يستطيعون العمل وهم جالسون على الكراسي المتحركة وفي المقابل يعملون بحرفة يستطيعون من خلالها تأمين ولو جزء بسيط من مصاريفهم اليومية تمكنهم من الاعتماد على ذاتهم، وتأمين متطلبات الحياة الكريمة لهم ولأسرهم.

(بترا)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات