خطبة الجمعة المقترحة : الثورة العربية الكبرى رؤية حصيفة لمستقبل مشرق
المدينة نيوز - نشرت وزارة الاوقاف عناصر مقترحة لخطبة الجمعة 1/4/2016 ، والتي حملت عنوان : " الثورة العربية الكبرى رؤية حصيفة لمستقبل مشرق " .
وتاليا محاور الخطبة :
• قال الله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ حُكْماً عَرَبِيّاً ) سورة الرعد (37) وقال الله تعالى: ( وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا ) سورة الشورى (7)، لقد شاءت إرادة الله تعالى أن يكون العرب هم انطلاقة الإسلام خاتم الرسالات السماوية من خلال النبي الهاشمي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فليس الأمر محض صدفة، بل هي العناية الربانية والحكمة الإلهية، فالعرب في سجيتهم وفي بيئتهم أقرب للفطرة الإنسانية، وتميزوا بصفات حميدة وخصال إيجابية عديدة؛ فهم أهل الوفاء والنجدة والجود والكرم والإباء والعفة والشجاعة والإقدام وحب العدل ورفض الظلم وأحرار الفكر والنَّظر، ينشدون الحرية والاستقلال..
• تثبت الأحداث الأخيرة التي عاشها عالمنا العربي وما رافقها من تداعيات أن الأمة العربية أمة عز وكرامة ترفض الظلم وتأبى الضيم وتسعى دائما وأبدا للحرية والعدل والعزة والكرامة، وهذا ما ناشده العرب مع نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الماضيين، إذ هبَّ الأحرار العرب بنهضة عربية من أجل دينهم وعروبتهم ولغتهم، بعد معاناة مريرة من الظلم والتجهيل والإقصاء والإهمال برغم ولائهم لسلطة الباب العالي وتعاونهم المستمر مع ولاة الدولة آنذاك، إلا أنه عندما طالبوا بحقوقهم المشروعة وُوجِهوا بالإقصاء والإبعاد والنفي والقبضة الحديدة، عندها نهض العرب وعلى رأسهم الشريف الهاشمي الحسين بن علي نهضة رجل واحد في وجه الظلم والاستعباد، نهضوا والآمال تحدوهم نحو التحرر والحياة الكريمة، نهضوا رافضين سياسات الإقصاء والإهمال، مؤكدين ولاءهم لدينهم وأمتهم، فالعرب ليسوا طلاب سلطة أو جاه بل هم طلاب حرية وحياة كريمة.
• لقد انطلقت الثورة العربية الكبرى في ظل أجواء مشحونة وأحوال مزرية، إذ خرجت مقاليد الأمور من يد السلطان واستلبت جميع الصلاحيات من يديه، وأخذت فئة متعصبة توجه الدفة نحو مصالحها المشبوهة وتريد أن تخطف الأمة ولغتها العربية وأن تقودها إلى مستقبل مجهول، في ظل نظام عالمي متسلط ومشاريع استعمارية باغية تريد تمزيق البلاد العربية، وأصوات صهيونية خبيثة تنادي بوطن قومي لليهود، وحرب عالمية ضروس أكلت الأخضر واليابس وغيّرت معالم الخارطة العالمية، فشاور الشريف الهاشمي الحسين بن علي رحمه الله تعالى الأحرار العرب وكان لا بد من أن يعلن انطلاق الثورة العربية الكبرى، التي نادت بمبادئ سامية افتُتِحَ بيانُها الأول بقوله تعالى : ( رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ (89) ) سورة الأعراف، كما جاء في هذا البيان: " إننا قد وصلنا إلى حال من الخطر، لم يسبق لها في الإسلام نظير " ، وجاء فيه أيضا: " وقد صار أمر هذه الدولة إلى جمعية اغتصبت حق آل عثمان الكرام بقوة الثورة وجعلته في أيدي زعانف ليس لأكثرهم في الشعب التركي الإسلامي أصل راسخ، ولا في الإسلام علم صحيح، ولا عمل صالح ... ".
• لا يستسيغ أعداء الأمة أن تنال الأمة العربية والإسلامية حريتها واستقلالها، والله تعالى يقول: ( وَلا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنْ اسْتَطَاعُوا ) سورة البقرة (217)، فأخذ هؤلاء الأعداء على عاتقهم تشويه صورة وحقيقة الثورة العربية الكبرى والتحريف في أهدافها، ومن هنا فإننا نؤكد أن الثورة العربية الكبرى لم ولن تكن في غير مصلحة الأمة وعزها ونهضتها، وقد كانت حماية لسلطان الأمة وكيانها كما جاء في بيانها الأول، وهي امتداد لتاريخ الأمة وحضارتها كما يلاحظ ذلك من خلال رايتها التي جمعت ما مرت به الأمة من أدوار جسدتها بعض الرايات. إلا أن الاستعمار لعب لعبته الخبيثة باستغلال ما كانت عليه البلاد العربية من أحوال متردية نتجت عن السياسة التي انتهجتها السلطة الحاكمة في الباب العالي آنذاك، فضربت بلاد الاستعمار عرض الحائط بوعودها وعهودها، ونقضوا وعدهم بخصوص عدم المساس بفلسطين، فأعطوا وعد بلفور المشؤوم للصهاينة.
• إن النهضة العربية الكبرى ووحدة الصف والكلمة هي الرسالة التي يحملها الأردن بقيادته الهاشمية الحكيمة، فها هم الهاشميون عند كل أزمة تواجهها الأمة ترتفع أصواتهم ونداءاتهم بأن يجتمع شمل الأمة وأن يتوحد صفها، فها هو جلالة الملك الراحل الحسين بن طلال طيب الله ثراه يأخذ بزمام المبادرة في أزمة الخليج قبل عقدين ونصف ويدعو إلى أن يكون الحلُ ( عربي عربي ) وأن لا يقحم الأجنبي ، مما سينتج عن ذلك من اختلالات في المنطقة ، ولم يُسْتَجَب لنداءاته ودعواته فآلت الأمور إلى ما آلت إليه ، وفي ظل ما تعيشه الأمة في هذه المرحلة من ظروف وأحوال عصيبة يتم فيها تشويه صورة الدين الإسلامي الحنيف وترتكب باسمه المجازر وتزهق الأرواح من خلال عصابات تكفيرية متطرفة، وما يرافق ذلك من أحوال تعصف في عدد من بلادنا العربية الشقيقة، فما زال الهاشميون وعميدهم جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين حفظه الله ورعاه يقومون برسالتهم الخالدة نحو الأمة، فها هو جلالته يدعوا بكل إيمان وإخلاص إلى اجتماع الكلمة ورأب الصدع والتصدي لكل محاولات التشويه التي تستهدف حقيقة الدين الحنيف، والدعوة إلى مواجهة مشاريع التجزئة للأمة، تحقيقا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الناس: إني تركت فيكم من ]ما[ إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي " ، وفي رواية : " إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر ؛ كتابُ الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهلُ بيتي ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما " رواه الإمام الترمذي في السنن ..