لماذا يرفض الأردن عودة زوجات مقاتلي داعش؟!
يتشدد الأردن ازاء عودة مقاتلي تنظيم الدولة الاردنيين من سورية حصرا، والقرار المتخذ يمنع عودة هؤلاء بكل الوسائل، سواء أكان تسللا عبر الحدود، ام عبر نقاط العبور العادية. آخر المعلومات في هذا الصدد، رفض الجهات الرسمية، عودة اكثر من عشرين امرأة اردنية، حاولن العودة مرارا من سورية، وبعضهن يعيش الان في بعض مناطق درعا، وبعضهن عند الحدود، ولم يتم ادخالهن، لاعتبارات معينة. اغلب النسوة هنّ زوجات لمقاتلي التنظيم، إذ غادر المقاتلون الى سورية بشكل عائلي، اعتمادا على حدس يقول ان...»دولة الإسلام قامت حقا»...ولابد من اخراج العائلات من اي بيئة ثانية والانتقال الى ديار الاسلام، اي الساحة السورية، وهذا يفسر وجود النسوة، وهنّ من زوجات المقاتلين، وبسبب الظروف الميدانية والتعقيدات في الساحة السورية، علق كثيرون، من المقاتلين فلا..هم قادرون على العودة، ولا هم قادرون على اعادة زوجاتهم، وقد يكون من بين النسوة، مقاتلات، او شاركن بأعمال داعمة للقتال. تنتمي زوجات المقاتلين الى مناطق مختلفة في الاردن، ووفقا لمعلومات فقد تم رد بعضهن حين حاولن العبور عبر الحدود، برغم حملهن لما يثبت هويتهن الاردنية، لعدم وجود تعليمات تسمح بالدخول، الى الاردن، بهذه الطريقة. عدد المقاتلين الاردنيين المنتمين لداعش والنصرة، في سورية والعراق، يتجاوز الالفي مقاتل، ونسبة تدفق المقاتلين اليوم، الى العراق وسورية من الاردن انخفضت الى حد كبير جدا، بسبب الظروف الميدانية، والتشدد على الحدود، والصراع القائم بين تنظيمي داعش والنصرة، مع الاشارة ،هنا، الى ان اغلب المقاتلين من الاردن، باتوا يحاربون مع داعش حصرا، ضد النظامين العراقي والسوري، وضد تنظيم النصرة ايضا. برغم وجود دعوات للسماح للمقاتلين الاردنيين بالعودة الى الاردن، بل ووجود استعداد لدى بعضهم للعودة والخضوع للمحاكمة، للخلاص من البيئة التي يعيشون حاليا فيها، الا ان السلطات تفضل ان تبقى هذه المشكلة بعيدة تماما، عن الاردن، فهي لا تفضل استقبالهم، ولا محاكمتهم، ولا الدخول في مشكلة يمكن تسميتها «المقاتلون العائدون» وذلك لاعتبارات كثيرة. هذا يعني حصرا، ان الاردن يتجنب التعامل مع المشكلة، ويريدها ان تبقى بعيدة عنه، لكن هذا يفتح الباب لتساؤلات عن مصير هؤلاء، في ظل عدم قدرتهم السفر الى اي بلد، وفي ظل اشتداد المعارك في سورية والعراق، بما يعني ان مصيرهم النهائي واضح، فأغلبهم لن يبقى على قيد الحياة. السلطات اوقفت اكثر من مئتي شخص حتى الان ينتمون للسلفية الجهادية، وبعضهم حوكم، وبعضهم ينتظر، لكن التقييمات تتحدث عن كمون وهدوء على مستوى تحرك السلفيين الجهاديين في الاردن، لاعتبارات كثيرة، ابرزها مخاوف العناصر، من ارتداد اي تصرفات، على عائلاتهم، ومن يخصهم في بلد تتداخل فيه صلات الدم والقربى، وتمتد فيه التأثيرات الايجابية او السلبية، من الفرد الى بقية افراد عائلته، وهذا نمط نلمسه اجتماعيا، حتى عبر المشاكل العادية، فالفرد ليس منفصلا عن اطاره العائلي، اضافة الى مايراه خبراء، من كون جاذبية الالتحاق بالقتال انخفضت الى حد كبير، لاعتبارات لوجستية وميدانية، وجراء تراجعات التنظيم الميدانية. لكن تبقى الدعوات القائمة على معايير دستورية وقانونية، تتبنى فكرة السماح للزوجات والاطفال بالعودة، من مناطق جنوب سورية، خصوصا، ان هؤلاء لا ينتمون فعليا للتنظيم، بقدر ارتباطهم بالاباء المقاتلين، فيما يرى خبراء هنا في مجال حقوق الانسان، انه ليس من حق احد منع اي مقاتل من العودة، وان الخيار المتاح في هذه الحالة تطبيق القانون، ومحاكمة «العائد المقاتل» وليس منعه من العودة. ادارة الموقف من تنظيم داعش، في كل الحالات، تخضع لحسابات حساسة جدا، ولربما يفضل الاردن، ان تتغلب الهواجس ازاء عودة مقاتلين مدربين بخبرات اضافية، على جانب حقوق الانسان، باعتبار ان هذا الجانب مجرد ترف برأي الرسميين في هذا التوقيت بالذات.
(المصدر: الدستور 2016-04-16)