عن الإخوان وإغلاق مقراتهم

تم نشره السبت 16 نيسان / أبريل 2016 01:13 صباحاً
عن الإخوان وإغلاق مقراتهم
ياسر الزعاترة

لا نعرف على وجه الدقة ما هي الرؤية التي استند إليها قرار إغلاق مقرات الإخوان الذي تابعنا الجزء الأول من تنفيذه يوم الأربعاء والخميس، كما لا نعرف ما إذا كان الأمر سيصيب بقية المقرات، أم سيتم الاكتفاء بما تم إغلاقه إلى الآن؟ ما يبدو هو أن الأمر ذو صلة بقصة الانتخابات الداخلية التي طُلب من الإخوان إلا يجروها، فأصروا على إجرائها كما هي العادة، فكان الرد الذي تابعناه. لم يكن من السهل على الإخوان أن لا يجروا انتخاباتهم الداخلية، لأن تنفيذ قرار من هذا النوع يعني أن عليهم أن يصبحوا مجرد جماعة هامشية تتلقى الأوامر وتنفذ، بينما يصنفون أنفسهم جماعة معارضة، وإنْ على نحو إيجابي كما يرددون دائما، وكما كانوا بالفعل طوال عقود. قد يستعيد البعض هنا قصة الجماعة المرخصة وغير المرخصة، وهو كلام لا صلة له بالوقائع السياسية التي يعرفها العالم العربي والإسلامي، وهي إن جماعات جذرية موجودة هنا وهناك لا يتعرض لها أحد إلا في حالات تهديد الأمن، وهو ما لم يحدث مع الإخوان الذين لم يهددوا أحدا في يوم من الأيام؛ تحديدا في هذا البلد. في التوصيف السياسي بعيدا عن الأمنيات والأوهام، يبدو طبيعيا أن تمارس أية سلطة ما وسعها من ضغوط، وتنفذ ما يمكنها تنفيذه من عمليات تحجيم لمعارضتها، وفق حسابات معينة، وكلما وجدت الأمر سهلا وميسورا، فمن الطبيعي أن تذهب أبعد شيئا فشيئا. لكن الأمر ليس كذلك دائما، إذ إن حسابات أخرى ما تلبث أن تطل برأسها، لا سيما أن الحالة الإسلامية في الألفية الجديدة لم تعد هامشية على نحو يمكن تحجيمها في المجتمعات؛ هي التي تمثل حاضنة لما يسمى الإسلام السياسي، وحين يُضرب الاعتدال، فمن الطبيعي أن يذهب البعض نحو التطرف، لأن الطبيعة تكره الفراغ، ومن يعتقد أن الفراغ يمكن أن تملأه تيارات ترى “من السياسة ترك السياسة”، فهو مُبالغ في تقديره، لأنه هذه مهما أخذت من حصة في الحالة الإسلامية، فستبقى محدودة، لأن الغلبة تبقى للتيار الذي يُعنى بهموم الناس، لا من يحيلهم إلى الطاعة والصبر؛ ونقطة آخر السطر. في أي حال، فما يأمله المخلصون هو أن تتوقف حالة الشد والجذب الراهنة، وسط هذه الحالة من الصخب في الإقليم، ويميل الوضع إلى التهدئة بدل التصعيد، سواءً فُتحت المقرات المغلقة أم لم تفتح، لأن الجماعات السياسية ليست أبنية ولا مقرات، بل عناصر يؤمنون بأهدافهم ويعملون على تحقيقها، وهي تبقى ما ظلوا على ذلك؛ يتحركون بين الناس، ويبشرون برؤاهم وبرامجهم. هناك رؤوس حامية تطالب بالمزيد، تحديدا في بعض وسائل الإعلام، لكن كثيرا منها لا يعي حقيقة الموقف وتداخلاته، ولا همَّ لها إلا ممالأة السلوك الظاهر، فيما يتوقع أن تكون للعقلاء رؤية أكثر اتزانا في التعامل مع الوضع. رؤية تغلب العقل والمصلحة على دعوات التصعيد التي لا تصب أبدا في مصلحة البلاد والعباد. 

(المصدر: الدستور 2016-04-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات