الإصلاح الاقتصادي بين برنامجين
قبل أن يناط اللثام عن برنامج تصحيح اقتصادي جديد للسنوات الثلاث 2016-2018 بالتعاون مع صندوق النقد الدولي ، يجب إجراء تقييم شامل لنتائج البرنامج المنتهي الذي غطى السنوات 2013-2015.
في هذا المجال لا بد من الاعتراف سلفاً حتى قبل إجراء التقييم بأن البرنامج فشل في تحقيق أهم أهدافه. السؤال إذن هو ما إذا كان البرنامج نفسه سيئاً بحيث أسفر عن هذه النتيجة المخيبة للآمال ، أم أن التقصير جاء من جانب الحكومة التي يفترض أنها حكومة اقتصادية بالدرجة الأولى وليست حكومة علاقات عامة.
هذا التقييم الذي نعرف نتائجه سلفاً يجب أن يقوم به أو يشارك فيه صندوق النقد الدولي الذي أشرف بنفسه على التطبيق ، وكان في منتهى التساهل وقبول الأعذار والمعيقات ، حتى مللنا من تكرار ذكر الظروف الإقليمية الصعبة ، وإغلاق أسواق سوريا والعراق ، وكلفة إيواء مئات الآلاف من اللاجئين السوريين إلى آخر الأسطوانة.
في ظل البرنامج السابق لصندوق النقد الدولي ارتفعت المديونية الصافية بمعدل 1ر2 مليار دينار سنوياً. وارتفعت نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي بمعدل 8ر3 نقاط مئوية سنوياً ، وانخفضت نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي بمعدل ُعشر نقطة مئوية سنوياً ، أما عجز الموازنة العامة فقد حدث فيه انخفاض يعود أساساً للمنحة الخليجية ، وليس نتيجة لإجراءات إصلاحية محلية
أما معدل الفقر فقد بقي مستقراً عند مستوى مرتفع حول 14% ، وارتفع معدل البطالة بمقدار ثلث نقطة مئوية سنوياً. وليس هناك ما يشير إلى حدوث تحسن في مجال العدالة الاجتماعية وأسلوب توزيع الدخل القومي.
صحيح أن احتياطي البنك المركزي من العملات الأجنبية ارتفع خلال ثلاث سنوات بشكل ملموس ، ولكن ذلك لم يكن نتيجة ارتفاع حصيلة الصادرات الوطنية أو تحسن دخل السياحة ، أو زيادة تدفقات الاستثمارات الخارجية ، أو ارتفاع حوالات المغتربين ، بل نتيجـة تحول الحكومة للاقتراض الخارجي بالعملات الأجنبية ، علماً بأن الزيادة في الاحتياطي واكبها زيادة مماثلة في الاقتراض الاجنبي.
من الضروري أن يتم تشخيص هذا الفشل وتحديد مسؤولية مختلف الأطراف ذات العلاقة ، ليس من قبيل حب الاستطلاع ، بل لمراعاة ذلك في إعداد البرنامج الجديد ، وفي إعداد الفريق الذي سيقوم بتطبيقه خلال السنوات الثلاث القادمة.
(الرأي 2016-04-24)