عن آخر اقتحامات الأقصى
تتواصل اقتحامات المسجد الاقصى، وآخرها البارحة، امام صمت عربي، والرعاية الإسرائيلية لهذه التقاسمات، يراد منها، تطويع العرب، لفكرة التقاسم المكاني، بعد التقاسم الزمني، الذي بتنا نراه فعليا، عبر هذه الاقتحامات، التي تسميها تل ابيب زيارات. معنى الكلام ان اسرائيل بدأت بتطبيق التقاسم الزمني، بشكل جزئي، واعضاء في الكنيست الاسرائيلي، من العرب، يقولون ان تل ابيب لديها تطمينات عربية بعدم الاعتراض كثيرا على التقاسم الزمني، شريطة ان يجري تدريجيا، وان يتجنب اوقات الصلاة التي يتواجد فيها المسلمون، وخصوصا، ماقبل الظهيرة. علينا ان نلاحظ ان اسرائيل لا تجد اي موقف عربي، ضدها، لا رسميا ولا شعبيا، فمن سوف يوقفها عن اكمال مخططها، بتقاسم الحرم القدسي مكانيا؟!. كنا سابقا نشهد ردود فعل معقولة عربيا، لكن اليوم، تنحصر ردود الفعل، في بيانات منددة بالتصرفات الاسرائيلية، وتل ابيب ذاتها تعرف ان هذه بيانات للاستهلاك المحلي، ولا قيمة لها فعليا، ولا تؤثر على اسرائيل. لا يمكن للفلسطينيين ان يتفرجوا على مخطط التقاسم، حلقة بعد حلقة، وان يواصلوا السكوت، فهم ايضا امام كارثة، فالقيادات الرسمية الفلسطينية والعربية، تعتبر اي انتفاضة ثالثة، مجرد انتحار للشعب الفلسطيني، كما انهم لا يلعبون دورا ولو عبر علاقاتهم مع العالم في وقف اسرائيل عند حدودها، وكأنهم يضعون الشعب الفلسطيني بين حجري الرحى، فلا السكوت منتجا، ولا الغضب مطلوبا. لا تدرك اسرائيل ان ملف المسجد الاقصى في نهاية المطاف، كفيل بقلب كل المعادلات، وركون الاحتلال الى حالة الشعب الفلسطيني، او التواطؤ العربي والدولي، او الى حالة الضعف والهشاشة لشعوب العرب، ركون وهمي، لان اي خطأ على الطريق كفيل بتغيير كل المعادلات، خصوصا، ان ذات تل ابيب تعرف ان دخول شارون سابقا للحرم القدسي، كان سببا في تفجير انتفاضة ثانية. المسجد الاقصى، ليس امرا عابرا، ولايمكن لأحد ان يتوقع ردود الفعل، ومن المؤكد هنا، ان على الاحتلال انتظار عمليات طعن، خلال الايام المقبلة، وعمليات من نوع آخر، فذات اسرائيل التي تندد بما تسميه العنف، تقوم بتوليد الاسباب الاضافية للغضب، فوق السبب الاساس، اي احتلال فلسطين. قد يأتي يوم، يخرج فيه الفلسطينيون في ثورة غضب عارمة، ضد اسرائيل، فلا تردهم مناشدات، ولا تنظيمات، ولا فصائل، ولاحكومات، ولا سلطة، والواضح هنا، ان مثل هذا المشهد يرتسم بسرعة، وكلما تم استفزاز الناس بالمسجد الاقصى، اقتربنا من ذلك اليوم، حتى لو ظنت تل ابيب، ان الشعوب مسحورة، وغير قادرة على التنفس.
(الدستور 2016-04-25)