السياسة والأخلاق.. مثقفون يسقطون

تم نشره الثلاثاء 26 نيسان / أبريل 2016 01:35 صباحاً
السياسة والأخلاق.. مثقفون يسقطون
ياسر الزعاترة

قبل أيام، كتب سعود المولى؛ المثقف والأكاديمي والباحث اللبناني الشيعي المعروف تعليقا على صفحته في فيسبوك يقول: “أسوأ أنواع المثقفين والصحفيين والسياسيين هم اللبنانيون والفلسطينيون والأردنيون الذين يعرفون طبيعة نظام الوحش المجرم (نظام بشار)، ويعرفون ماذا يجري في سجونه، وكم مات تحت التعذيب، وكم بقي في حالة الموت البطيء   وكم وكم وكم؟ لكنهم يدعمون نظام الإجرام الذي لا مثيل له في التاريخ المعاصر، وذلك تحت يافطة البوصلة والممانعة سيلعنكم التاريخ”. ومع أنني أرفض قصر الأمر في جنسيات بعينها، لأن هناك من يفعلون ذلك من شتى الجنسيات، إلا أن القصة تستحق التوقف فعلا، إذ ما مكان الأخلاق في أجندة هذه الفئة من الناس؟ وكيف يحدث أن ينحازوا إلى القتلة والفاسدين على هذا النحو المفضوح؟ وهل السياسة عندهم شيء، والأخلاق شيء آخر؟ لا يقولن أحد إنهم يؤيدون بشار الأسد، لأن بديله هو تنظيم  داعش، فقد فعلوا ذلك والشعب يبذل الدم في الشوارع لستة شهور دون أن تطلق رصاصة واحدة، بل حين كان النظام يتوسل تلك الرصاصة من أجل إدانة الثورة بالإرهاب، كما هي العبارة التي كلفت فاروق الشرع إقامة جبرية في بيته، بل إن أولئك المثقفين يعرفون تماما أن قرار عسكرة الثورة هو قرار النظام، وهو من أطلق السلفيين الجهاديين من سجونه لأجل ذلك، اعتقادا منه بأن ذلك سيسهل عليه وأدها بعد وصمها بتهمة الإرهاب. ليس هذا هو النموذج الوحيد في غياب الأخلاق في منظومة المثقفين، إذ بوسعك أن تعثر على نماذج لا تحصى من انحياز كثير منهم للقمع والفساد، من دون أن يعدموا التبريرات، ذلك أن مهمة العقل هي التبرير، وهو قادر على ذلك، من دون أن يعني ذلك قدرته على الإقناع، إذ أن الضمائر الحية ليست برسم الاحتلال من قبل تلك التبريرات الواهية لمواقف لا صلة لها بالقيم ولا بالأخلاق. يحدث أيضا أن تغيب الأخلاق حتى عن ممارسات بعض الإسلاميين السياسية، ويحدث أن تجد منهم من يتحالف مع الظلم والفساد ضد أناس من نفس لونه الحزبي، وأقله الأيديولوجي، ودائما بمبررات واهية عن المصلحة التي غالبا ما تُختصر في مصلحة الحزب أو التوجه أو التيار، وصولا إلى مصلحة الفئة، بل حتى الشخص في كثير من الأحيان. كما يحدث بين هذا وذاك، أن تتنكر فئات لأصولها الاعتقادية.. نعم لأصولها الاعتقادية في سياقات سياسية مفضوحة، كما هو حال المنظومة الشيعية التابعة لإيران في وقوفها إلى جانب طاغية سوريا، وتحالفها مع طاغية اليمن المخلوع ضد ثورة الشعب، ذلك أن الحسين الذي يرفعون رايته لم يكن سوى نموذج للشعب السوري الثائر بل إن الفارق كبير جدا بين يزيد وبينه، فكم عدد الذين قتلهم يزيد، مقابل من قتلهم بشار؟ وإذا تحدثوا عن المقاومة والممانعة، فقد كانت جيوش يزيد أيضا في حالة اشتباك مع الأعداء حين خرج عليه الحسين. هنا يدوس أولئك على هذا الأصل الاعتقادي، وينحازون لطاغية فاسد في سوريا، وتحالف مع آخر في اليمن، وكل ذلك تحت بشعارات كاذبة، كأن الشعب السوري الذي فاجأ الجميع بثورته، هو شعب خائن وعميل، وأن الشرف منحصر في آل الأسد، وآل مخلوف، وأدواتهم الأمنية، أو كأن مخلوع اليمن قد تحول إلى مقاوم وممانع!! لا توجد عدالة مطلقة في الأرض، فكثيرا ما يموت الطغاة وهم في “هيلهم وهيلمانهم”، وتُقام له المراسم، وتصنع لهم التماثيل، لكن عدالة السماء شيء آخر، وقبلها وبعدها عدالة التاريخ في وضع كل في مكانه الصحيح، وإن كانت هذه ليست مطلقة أيضا، بحضور الكثير من التدليس والتزوير. 

المصدر : الدستور 26/4/2016



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات