الأردن ومرحلة ما بعد الحرب والنفط !
![الأردن ومرحلة ما بعد الحرب والنفط ! الأردن ومرحلة ما بعد الحرب والنفط !](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/a95d323927cbc6de7520b43742312009.jpg)
للحروب اهدافها ونهاياتها ونتائجها . وما يحدث في المنطقة ، وبالتحديد في سوريا والعراق واليمن وليبيا يقود الامة الى الهاوية ، أو الى ما هو اكثر سوادا ، لأن اسباب الاقتتال ، ووقف القتال ، وعناصر الحل لم تعد خاضعة لقرارات سيادية داخلية عربية ، بل اصبحت خارجية تقررها العواصم البعيدة ، اي انها اصبحت لعبة امم تفرض قواعدها الدول الكبرى ، وخاضعة لمصالحها .
ولهذه «الحروب الأخوية» تداعياتها الداخلية والخارجية ، وتلقي بظلالها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية على دول الجوار ايضا ، لذلك ليس من الخطأ التنبيه والتحذير والتاهب لمواجهة آثار هذه الحروب ، وخصوصا في الاردن الذي يقف وسط دائرة اللهب وفي عين العاصفة ولأن نتائج هذه الحروب تتكون في رحم مشروع سياسي مريض . كل ما نريد هو الحفاظ على ادامة الامن والاستقرار ، وتقديم مصالح الاردن العليا اولا ، على قاعدة القرارات الصائبة والسياسة الحكيمة ووعي المواطن ، كما هو الحال في الاردن دائما ، وفي مواجهة اشد الازمات .
الحديث عن الحروب وتداعياتها ، والتحديات التي يواجهها الاردن في هذه المرحلة الصعبة يقود للتذكير بحديث دولة «عبد الكريم الكباريتي» في اجتماع الهيئة العامة للبنك الاردني الكويتي ،عندما أجاب على اسئلة المساهمين ، وردود الفعل على ما قاله ونبه اليه وحذّر منه ، التي شغلت الصحف والمواقع الالكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي والاوساط السياسية على مدى ايام الاسبوع الماضي .
ردود واجابات رئيس الحكومة الاسبق ، عبر موقعه وموقفه ، اثارت هذا الحجم من الاهتمام والمتابعة ، لأن المنطقة حبلى بالتطورات المتسارعة ، ورأيه استند الى الحقائق على الارض والتطورات في المنطقة بعين المتابع الواثق المدرك لتطلعات الدول الاخرى ، والاهم العارف بواقعية حركة التاريخ . لذلك أرى أنه من الخطأ أن يحشر الكاتب نفسه في خانة (مع أو ضد ) ، تجاه هذه المسألة ، خصوصا أن دول المنطقة المعنية بهذا الصراع بدأت تبحث عن خلاصها وأمنها واستقرارها ومستقبلها .
من حق الاردن أن يحافظ على مصالحه العليا في ظل هذه التطورات المتسارعة والتحالفات المتقلبة . الحروب العربية التي تحولت الى حروب كونية ، تجاوزت حدودها العسكرية والامنية والسياسية ، فاصاب الرصاص الواقع الاقتصادي والاجتماعي العربي ، حين هبطت اسعار النفط وزادت النفقات التي فرضها الصراع ، على حساب رفاهية المجتمع ، وهو الواقع الذي فرض على دول شقيقة الاستعداد لمواجهة مرحلة ما بعد الحرب ، وما بعد النفط .
الثابت الان أن الدول العربية المنتجة للنفط والتي يشكل النفط حوالي 90 بالمئة من دخلها الوطني ، بدأت بوضع الخطط لتنويع الانتاج ومصادر الدخل لتحقيق التنمية المستدامة ، بالاعتماد على تطوير قطاعات الصناعة والزراعة والسياحة ، وعبر برامج اقتصادية اجتماعية تنموية تعتمد على تنويع وزيادة الصادرات غير النفطية .
هذا الواقع يفرض على الاردن حالة التأهب والاستعداد والعمل لمواجهة مرحلة ما بعد الحرب وما بعد النفط ، وتوظيف شبكة علاقاته الواسعة ، والتعامل مع الواقع الجديد بما تقتضيه المصلحة الاردنية ، لتامين فرص استثمارية جديدة ، تساعد في انشاء مشاريع انتاجية تؤمن فرص عمل لأفواج شابة من الخبرات والايدي العاملة الاردنية ، وتشارك في دعم التنمية ورفع مستوى المعيشة للمواطن ، وتنويع مصادر الدخل الوطني ، خصوصا أن الاستقرار اهم عنصر جاذب للاستثمار.
(الرأي 2016-05-02)