موسوعة المصطلحات السـيــاسـيـــة!
حبذا لو تبادر جهة اعلامية رسمية او عبية او دار نشر الى اصدار سلسلة مختصرة عن المصطلحات السياسية فما يتم تداوله الان وبتأثير من الميديا الفضائية من هذا المصطلحات تنقصه الدقّة ويخلط الحابل بالنابل، بحيث اصبحت كلمات من طراز الليبرالية والاوتوقراطية والثيوقراطية اضافة الى مصطلح الديموقراطية ذاته بلا دلالات واضحة ومخلوعة من سياقاتها الثقافية والتاريخية، وما يحدث الان هو تكرار مثير للسخرية لما شاع في ستينات القرن الماضي من مصطلحات ماركسية منزوعة المضمون، واذكر انني سمعت من شاب يساري كلمة منذر وكان يصف بها الامين العام لحزبه، وظننت انه يقصد المنظّر اشتقاقا من النظرية والتنظير لكنني فوجئت بأن ما يقصده هو ان امينه العام هو من يتولى الانذار بالخطر، اما مصطلحات مثل البروليتاريا والبرجوازية الصغيرة والانتلجنسيا فقد كانت اشبه بأيقونات او حجارة كريمة تصلح للاستعراض فقط ! وتبلغ السخرية ذروتها حين نتذكر ان هناك بلدانا كانت تخلو من بروليتاري واحد بالمعنى الدقيق، ومنذ حرب الخليج الاولى اصبحت المصطلحات السياسية والعسكرية ملقاة على الأرصفة وتحول بعض الهواة الى جنرالات يتحدثون عن النصر والهزيمة بمنطق المباريات الرياضية، وهناك مفاهيم كلاسيكية تغيرت جذريا بعد الحرب الباردة ومنها مفهوم السيادة والحدود وحق تقرير المصير، مما يتطلب تثقيفا في هذا المجال ! وقبل عدة عقود صدرت في بريطانيا موسوعات مختصرة عن المصطلحات الادبية والنقدية وكان هدفها القارىء العادي وليس المتخصصين، وكان من نتائجها ان اصبح هناك قاسم مشترك بين الكتّاب والقراء، وفي ايامنا قد تكون السياسية هي الاولى والاجدر باصدار موسوعات تحدد معاني مصطلحاتها الاكثر تداولا ، كي لا تصبح الليبرالية شايا بالحليب والاوتوقراطية نوعا من الشامبو ! ان مثل هذه المشاريع ليست باهظة التكلفة، ولها دور تنويري، لأنه ليس من المعقول ان يتحدث من لا يعرفون جدول الضرب عن الرياضيات الحديثة !!
(الدستور 2016-05-08)