حكمة المشاعر
(ذات مرة كانت هناك جزيرة تعيش عليها جميع المشاعر "السعادة"، "الحزن" و"الحكمة"، كل المشاعر حتى "الحب" وذات يوم اكتشفوا أن الجزيرة تغرق فحاولت جميع المشاعر الهرب من الجزيرة للنجاة.
حاول "الحب" الهرب، ولكنه لم يكن يملك شيئاً يهرب فيه، فقرر أن يسأل غيره؛ ليهرب معه فوجد "الثراء" يهرب في مركب فخم جداً، فقال "الحب" لـ"الثراء": هل أستطيع الركوب معك؟
فرد "الثراء": بالطبع لا، إن مركبي يحتوي على الكثير من الذهب والفضة ولا مكان لك معي، بعد قليل كان "الغرور" ماراً بمركبه فقرر "الحب" سؤاله: هل تستطيع أن تأخذني معك؟
فرد "الغرور": للأسف لا أستطيع مساعدتك إنك مبتل تماماً ومركبي نظيف وجميل، وأنا أخشى عليه من التلف بسببك.
كان "الحزن" ماراً بجوار "الحب"، فسأله "الحب": هل من الممكن أن تأخذني معك؟ فقال "الحزن": إنني حزين للغاية وأُفضل البقاء وحدي.
وعندما مرت "السعادة" بجوار "الحب" كانت سعيدة للغاية فلم تلحظ من الأصل وجود "الحب" إلى جوارها، وفجأة ظهر عجوز من بعيد ونادى على "الحب" لينقذه ويركب معه.
فشعر "الحب" بالأمان والطمأنينة ولكن فرحته أنسته أن يسأل العجوز عن اسمه حتى وصلوا إلى بر الأمان، ونجوا جميعاً.
فذهب العجوز بعيداً قبل أن يسأله "الحب" عن اسمه، شعر "الحب" بأنه مدين للعجوز بحياته، ولكنه لم يعرف من هو هذا العجوز، ولكنه رأى "الحكمة" تجلس بعيداً.
فذهب "الحب" إلى "الحكمة" ليسألها عن ذلك العجوز فقالت "الحكمة": إنه "الزمن"، فاستغرب "الحب" و قال: "الزمن"؟
فقالت له "الحكمة": نعم إنه "الزمن"، فسألها "الحب": ولماذا ينقذ "الزمن" حياتي؟
فقالت "الحكمة": لأن "الزمن" وحده هو الذي يعلم أهمية "الحب"، نعم فـ"الزمن" هو الوحيد الذي يعرف معنى الحب وقيمته") انتهى.
إن المشاعر وحدها هي لغة القلوب، ووحدها هي من نتشاركه مع الآخرين من حولنا وبها تحدد جودة علاقاتنا معهم وبهم. إن كنت لا تستطيع التعبير عن مشاعرك بشكل جيد، فإن علاقاتك تصبح خاوية وباردة، ولا تعدو كونها أملاً مختلقاً لك، كما أنها تصبح ضعيفة جداً لدرجة لا تمكنك من أن تثق بها أثناء المحن والمعضلات.
إن الحب هو المحفز الوحيد لك للبقاء في صحبة الآخرين، كما أن ألمك هو وحده من يجبرك على مشاركة الآخرين، وإن ذكرى الأوقات السعيدة التي تقضيها مع الآخرين هي وحدها من تمنحك الشجاعة للمخاطرة لتكون صريحاً. إن القلب المحب لا يمكنه تحمل العزلة، فعندما تشارك الآخرين في مشاعرك، فإن شعورك بالوحدة يصبح أقل ما يكون، كما أن المشاعر المكبوتة تضع حدوداً للحب الذي يمكنك التعبير عنه.
إذا أخفيت ألمك، فإنك تنسى حبك، وإذا كذبت بشأن غضبك، فلا يمكنك تحديد ما إذا كان حبك حقيقياً أم لا.
إن مشاعرك لا بد أن تكون مسموعة حتى يمكنك التعبير عنها بشكل تام.
كُن سائلاً كي تسمع، وكن متحدثاً بصراحة، وأشرك الآخرين في مشاعرك المؤلمة وكُن حراً في أن تحب.
كُن حراً كي تحب، وكُن حراً في حبك، وليكن حبك رمزاً للحرية.
إن المشاعر حكمة؛ لأن أبسط المشاعر تعبر عن أعظم الحقائق. إن آلام الحياة منبعها الوحيد يكمن في تجنب الحقيقة التي تنطق بها مشاعرك، كما أن أي طريق يتجنب المشاعر لا يمكن أن يكون طريقاً صحيحاً.
إن أي شخص يختبئ من مشاعره، يجعله اختباؤه من حقيقة مشاعره يدور في دوائر مغلقة لا نهاية لها؛ لذلك على الدوام حاول أن تجد الدعم والراحة بمشاعرك؛ لأن مشاعرك هي فقط حياتك.
كُن على ثقة في مشاعرك، فهي المرشد الحقيقي الذي سوف تحصل عليه على الإطلاق، إذا عرفت مشاعرك، فإنك ستكون قادراً على معرفة ما سيبوح العالم به، وإن لم بكن باستطاعتك أن تكون صادقاً تجاه مشاعرك، فإنك لن تستطيع أن تكون صادقاً مع نفسك ومع الآخرين.
ثِق في مشاعرك، ولكن لا بد لك أولاً أن تعرف مشاعرك الحقيقية، فعندما تكتشف متى بدأت مشاعرك، فإنك ستكتشف الدافع وراءها أيضاً. وتذكر دائماً بأن المشاعر التي تخشى أن تظهرها تقودك إلى التمسك بأشياء أخرى لا قيمة لها سوى تعطيل حياتك.
عبِّر عن نفسك بالتعبير عن مشاعرك أولاً بأول، لا تجعل مشاعرك حبيسة تتراكم في داخلك، فعندما تبقى مشاعرك لفترة طويلة، فإنها تذبل وتصبح أقل صدقاً، وكلما عبرت عن آلامك في حينها، تم حسمها على نحو تام.
كُن حراً، واحترم مشاعرك حتى تكون ذاتك ونفسك، كُن حراً قادراً على البكاء لكي تستطيع عيش الحياة كما ينبغي، فالدموع في موضعها الصحيح هي دواء الجروح.
إن مشاعرك هي الشرح الكافي لحياتك، فدعها تتحدث عن نفسها، كما أن أعظم اعتماد تعتمد عليه هو قلبك. ولا يمكنك أبداً أن تتخلى عن قلبك دون أن تفقد نفسك. فلا تختبئ عن مشاعرك فحين تفعل ذلك فأنت تختبئ عن حياتك ومن ثم تتعطل.
إن أعظم الألم ينبع من إخفاء الحقيقة أكثر من أي شيء آخر؛ لذلك ينبغي أن تتسامح مع مشاعرك حتى تلحق بحياتك؛ لأن الصعوبة التي تواجهها في التعبير عن مشاعرك قد تجعل من حياتك أكثر صعوبة ولا تطاق، إن الألم الدفين غالباً ما يصبح غضباً موجعاً موجهاً لذاتك، كما أن مشاعر الغضب التي تخشى التعبير عنها تصبح أفكاراً سوداء تجلب عليك العذاب، فعندما تُكبت المشاعر، يسهل الخلط بين الذنب والحب، وبين الالتزام والتفضيل.
إن القوة التي تشعر بها فقط تأتي من حقيقة مشاعرك التي تبوح بها، إنك في حاجة ماسة لأن تكون دائماً قوياً كي تشعر بالأمان الكافي لتعبر عن مشاعرك ولتبكي، إنك عندما تكبح مشاعرك، تزيد فقط من فرص تعرضك للألم.
كُن حراً ، واحمِ مشاعرك لتحمي حياتك.
كُن حراً، واعلم أن للمشاعر حكمة عليك معرفتها واستيعابها؛ لتتمكن من استيعاب ذاتك أولاً، ومن ثم استيعاب الآخرين من حولك.
كُن حراً، فأنت وحدك كل ما تشعر به، وأنت فقط كل الحب الذي تملكه لذاتك ومن ثم تتعاطى به مع الآخرين من حولك.
كُن حراً، فحكمة المشاعر لن تعرفها أبداً إلا إذا كنت حراً في التعامل معها وبها.