الوطنية الأردنية ومئوية الثورة العربية الكبرى
أتفهم حجم الاحتفالات التي ستنطلق بمناسبة الذكرى المئوية للثورة العربية الكبرى، فالحدث –أي الثورة- له علاقة بشرعية الحكم، وهنا تفاعلت ميكانزمات التفهم.
لكنني في ذات الوقت طرحت على نفسي اسئلة «الوطنية الاردنية»، في مقابل «اعادة انتاج آمال واهداف الثورة العربية الكبرى».
كنا زمان نحلم بالوحدة العربية وجعلناها هدفا، ولأجل ذلك كره كثير منا الحدود الفاصلة، ثم ولظروف الضعف التي اصابت الامة تصالحنا مع مفهوم «الدولة القطر»، وجعلناها طريقا للوحدة.
اليوم تتبدل المعطيات، تسقط الدول والمجتمعات، يعود بعض العرب الى ما قبل الدولة، وما قبل المجتمع، وتلوح في الافق خرائط أكثر قسوة وتشرذما من «سايكس بيكو».
في هذه الاجواء، نجح الاردن بالحفاظ على نفسه من عواصف اقتلعت من هم أثقل وزنا، وبظني ان مبرر النجاح كان بسبب تمسكنا بوطنيتنا الاردنية، وايماننا بها.
نعم، هناك مبالغة باحتفالات الثورة العربية الكبرى، ومرة اخرى، أتفهم رمزيتها الشرعية للحكم، لكني أرى ان اهدافها «الامتدادية الوحدوية» تأتي في توقيت لا يمكن ان يشبه عام 1916.
علينا توجيه ذكرى الثورة العربية الكبرى نحو مزيد من التعلق بهوية الاردن الوطنية، والاستفادة منها بأننا لسنا بصدد إحداث قفزات في الهواء، يمكن من خلالها هضم آخرين، او قضم جغرافيا مجاورة.
اليوم ارى ان التمسك بحدودنا بات واجبا هاما ومصيريا، وهو بالمناسبة ليس ولاءً «لسايكس بيكو» بقدر كونه مدافعة وطنية تجاه المخططات الجديدة التي تساق اليها المنطقة.
بالمحصلة، ما اتمناه ان تغرس الاحتفالات بالمحتفلين عمقا وطنيا جديدا، وان لا تكون المبالغة قنطرة لمفاهيم جديدة، فالاردن يحتاج اليوم الى اكتفاء جغرافي وديموغرافي اكثر رسوخا.
(السبيل 2016-05-22)