ردع أمني من نوع آخر

تم نشره الأحد 29 أيّار / مايو 2016 12:56 صباحاً
ردع أمني من نوع آخر
ماهر ابو طير

تشير تقديرات الى خسائر العالم العربي مما يسمى الربيع وصلت الى 833 مليار دولار، فيما الخسائر جراء الارهاب والحرب على الارهاب وصلت الى 200 مليار دولار. يتم طرح هذه الارقام للدلالة على ان الربيع العربي كان مكلفا جدا، وان الارهاب ايضا، دمر المنطقة، لكن التوظيفات للارقام تقف عند حدود الخسائر فقط، ولا تذهب الى تحليل جذر الثورات ودوافعها، وجذر ما يسمى الارهاب ودوافعه، لان هذا التحليل سيأخذنا الى معالجة اخرى تماما. الكلام عن كلفة الربيع العربي، وعن كلفة الارهاب عبر كلفة الارقام فقط، وعزل هذه الكلف عن السياقات، يراد عبر القول للناس انهم تسببوا مع اطراف اخرى بخسائر كبرى في منطقتهم، وهي خسائر لا يحسب معها، كلفة اعادة الاعمار في دول عربية كثيرة، ولايحسب معها سيناريوهات التشظية والتقسيم الوجدانية الحالية، والجغرافية لاحقا. لكن هل أدت هذه الخسائر الى تراجع دول عربية غير مصابة بداء الربيع العربي، او الارهاب، عن سياساتها الداخلية تحوطا من الوقوع في هكذا افخاخ تؤدي الى تدمير اقتصاديات تلك الدول، وجعلها تدفع ثمنا باهظا.!. على الاغلب فإن معظم الانظمة السياسية العربية ارتاحت الى ذعر الانسان العربي من فكرة الثورة او الربيع العربي، او التورط في الارهاب، باعتبار ان هذا الانسان يرى ما يحدث من كلف دموية وخسائر مالية، وغير ذلك، وهي كلها كفيلة وفقا للمطابخ الامنية بردعه عن اي تورط في فوضى او ثورة او تنظيم هنا او هناك، ومع هذه الراحة لم تفكر اغلب الانظمة السياسية العربية، في تغيير بنيتها الداخلية او تجديدها، باعتبار ان لا داعي لذلك، فالناس في قمة الخوف، وخياراتهم اما ثورات دموية، او انظمة متسلطة دكتاتورية. هذا يكشف الجانب التسلطي لدى بعض الانظمة، فبدلا من استثمار المناخ لمصالحة الشعوب، ورد حقوق الناس، ومعاملة الناس وفقا للحقوق والواجبات، واشاعة العدالة، استفادت انظمة كثيرة، مما جرى في الدول غير المستقرة، لايصال رسالة الى شعوبها، ان هذا هو مآلكم لو طالبتم، او تورطتم في الارهاب تعبيرا عن غضب او موقف. اكثر الدول التي تحتفي بأرقام خسائر الربيع العربي والارهاب، هي الدول التي لم يصلها ربيع عربي، ولا ارهاب، لانها عبر الارقام تدير الخوف في قلوب الشعوب، وتبث في وجدانهم انهم سوف يخسرون كل شيء، وكل ذلك يأتي بدلا عن وصفة الحل الغائبة، اي توظيف الارقام والدموية، من اجل الدخول في الطريق الثالث، اي رفع المظالم ومصالحة الشعوب، وتحصين هذه الدول والشعوب، بطريقة اخرى، غير تعظيم الخوف من الخسائر.

(الدستور 2016-05-29)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات