ثلاثة تحديات رئيسية تواجه حكومة الملقي
المدينة نيوز- قال مراقبون وسياسيون أردنيون إن الحكومة الجديدة برئاسة "هاني الملقي"، تواجه ثلاثة تحديات رئيسية، تستوجب خطوات سريعة لتجاوزها، ممثلة في: ملف الانتخابات البرلمانية، ومعالجة الفقر والبطالة، وملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي.
وأدت الحكومة الأردنية الجديدة، الثلاثاء الماضي، اليمين الدستورية أمام الملك "عبد الله الثاني"، وضمت 29 وزيراً، كان أبرز أعضائها رئيس الديوان الملكي الأسبق، "جواد العناني"، حاملاً مسمى جديداً كنائب لرئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية؛ الأمر الذي يؤكد توجهات الحكومة الأردنية الجديدة نحو إيلاء الشأن الاقتصادي اهتماماً أكبر، خاصة أن البرلمان الأردني أقر مؤخراً قانوناً لصندوق مالي ضخم للاستثمارات السعودية في الأردن.
وتبدو الأعباء والتحديات كبيرة على الحكومة الجديدة؛ فمعدلات الفقر والبطالة في تزايد، بحسب إحصاءات رسمية، فضلاً عن ملف اقتصادي آخر ضاغط على البلاد ممثلاً بالمفاوضات مع صندوق النقد الدولي، كما أن المملكة على أبواب انتخابات برلمانية قبل نهاية سبتمبر/أيلول المقبل.
وفي ملف المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، للحصول على تمويل منه، يرى الكاتب والمحلل الاقتصادي الأردني، "سلامة الدرعاوي"، أن حكومة الملقي ورثت وضعا اقتصادياً صعباً من سابقتها التي "أدخلت الاقتصاد الوطني في نفق مظلم"، على حد وصفه، وبات الاقتصاد الوطني أسيرا للمساعدات الخارجية، التي أصبحت هي الأخرى وسيلة سياسية تمارسها الدول المانحة والمؤسسات الدولية على المملكة.
ويضيف "الدرعاوي" لـ"الأناضول" أن واحدة من التحديات الملحة على أجندة الحكومة الجديدة هي المفاوضات مع صندوق النقد الدولي والخروج بأقل الضغوطات؛ فالمفاوضات شارفت على الانتهاء دون التوصل إلى اتفاق مبدئي بسبب الشروط الـ 38 التعجيزية التي طلبها وفد الصندوق من الأردن، وأهمها رفع أسعار المياه، وإعادة آليات رفع أسعار الكهرباء، وإعادة النظر في الضرائب والرسوم.
ويعتبر المحلل الاقتصادي أن شروط الصندوق لدعم الاقتصادي الوطني تحمل خطورة بالغة بتركيزها على النواحي الجبائية (الضريبية) وزيادة إيرادات الخزينة دون النظر إلى مسالة النمو الاقتصادي وتحفيزه؛ ففي ظل البرنامج الأخير للصندوق في المملكة خلال السنوات الثلاث الماضية لم يتجاوز النمو حاجز الـ2.5 بالمائة، وهو الأضعف والأقل منذ 15 عاما.
وأظهر تقرير لوزارة المالية الأردنية، أصدرته في أبريل/نيسان الماضي، ارتفاع إجمالي الدين العام في المملكة نهاية مارس/آذار الماضي إلى 25 مليار و63.6 مليون دينار أردني (35.4 مليار دولار تقريبا)، مرتفعا بنحو 496.1 مليون دينار (701 مليون دولار تقريبا) عن مستواه في نهاية العام الماضي.
كما تم تسجيل عجز مالي في الموازنة العامة للمملكة خلال الربع الأول من العام 2016 بلغ 174.1 مليون دينار (مضافا إليه المنح الخارجية) (246 مليون دولار) مقابل وفر مالي خلال الفترة ذاتها من العام الماضي بلغ 78.7 مليون دينار (111.2 مليون دولار).
وصافي الدين العام هو إجمالي الدين العام، الداخلي والخارجي، مخصوما منه ودائع الحكومة في الجهاز المصرفي.
وفي تحدي الفقر والبطالة، يقول "الدرعاوي" إن تلمس تغيرات واضحة في هذا التحدي يتطلب من الحكومة الجديدة توظيف مكانة الأردن السياسية بشكلها الصحيح للحصول على المساعدات المطلوبة لمواجهة تداعيات أزمة الإقليم، وخصوصا اللاجئين السوريين الذين يستضيفهم الأردن، والذين تجاوزت أعدادهم 1.4 مليون لاجئ منذ اندلاع الأزمة السورية في مارس/آذار 2011.
ويضيف أن توفير فرص عمل للأردنيين لتقليل نسب البطالة، يحتم على الحكومة إعادة ترميم جدار الثقة مع المواطنين وفعاليات القطاع الخاص، ومصداقية في محاربة الفساد والنزاهة في التعيينات بالوظائف الحكومية.
وأظهرت دائرة الإحصاءات الأردنية العامة (حكومية) أن معدل البطالة في الأردن ارتفع خلال الربع الأول من عام 2016 إلى نحو 14.6 في المائة، مقابل13.1 عن الفترة ذاتها من العام الماضي.
أما في تحدي الانتخابات البرلمانية يقول الوزير والبرلماني الأردني الأسبق، "ممدوح العبادي" لـ"الأناضول" إن المطلوب اليوم من الحكومة تكثيف اجراءتها لمساندة "الهيئة المستقلة للانتخاب" في العملية الانتخابية بضمانة نزاهة الانتخابات، ولكي تسجل الحكومة في عهدها أنها أجرت انتخابات حرة، كالتي ما زال يتغنى بها الأردنيون حين أجرت حكومة الراحل "زيد بن شاكر" انتخابات عام 1989.
الكاتب والمحلل السياسي الأردني، "فهد الخيطان" يقول إن "التشكيلة واسعة أكثر من اللازم على حكومة يفترض أنها انتقالية وقصيرة العمر لحين إجراء الانتخابات البرلمانية".
ويضيف "الخطيان" لـ"الأناضول": "كان من الممكن أن تكون تشكيلة الحكومة أكثر رشاقة؛ كي تستطيع تأدية المهام الموكلة إليها بسهولة، وبتشكيلتها اليوم ستكون حركتها ثقيلة".
ويرى أن الطريق أمام حكومة "الملقي" غير معبدة وغير سهلة، خصوصاً أن عليها استحقاقات ضخمة، ذات عبء كبير، وأهمها ملف انتخابات البرلمان، وما يترتب عليه من دعم الحكومة للهيئة المستقلة للانتخابات في مسعاها ودورها لإجراء الانتخابات بكل نزاهة وشفافية، إلى جانب إعادة الثقة بين الشارع والسلطة؛ حيث أن المواطنين والأحزاب ومؤسسات المجتمع المدني بحاجة إلى تطمينات بشأن العملية الانتخابية ونزاهتها.
وكان العاهل الأردني أسدل، الأحد الماضي، الستار على مصير البرلمان والحكومة، بعد تكهنات واسعة انشغل بها الرأي العام حول مصيريهما؛ إذ حلّ البرلمان، وقبل استقالة حكومة "عبد الله النسور"؛ ما يعني أن البلاد بانتظار انتخابات برلمانية قبل نهاية سبتمبر/أيلول المقبل، حسب نص الدستور.
ووفق المادة (73) من الدستور الأردني، فإنه يتعين إجراء الانتخابات البرلمانية خلال أربعة أشهر، تبدأ من تاريخ صدور قرار حل البرلمان، وحال انقضت دون إجرائها، يعود المجلس القديم لممارسة دوره الدستوري في الانعقاد، وكأنه لم يُحل.
وكلف العاهل الأردني، في التاسع والعشرين من مايو/أيار الماضي وزير الخارجية الأسبق، سفير المملكة السابق لدى مصر، "هاني الملقي"، بتشكيل حكومة جديدة، خلفاً لحكومة "النسور"، التي رحلت حكماً بموجب الدستور، الذي ينص على وجوب تقديم الحكومة التي يُحل في عهدها مجلس النواب استقالتها إلى الملك خلال أسبوع.
وتجري انتخابات البرلمان هذا العام وفق قانون جديد للانتخاب، أعلن عنه رئيس الحكومة الأردنية المستقيلة، "النسور"، نهاية أغسطس/آب من العام الماضي، ليحل محل قانون "الصوت الواحد" المثير للجدل، والذي كان معمولا به في الأردن منذ منتصف التسعينات من القرن الماضي.
ويقوم نظام "الصوت الواحد" على انتخاب مرشح واحد عن كل دائرة على أن تقسم البلاد إلى دوائر بعدد أعضاء المجلس النيابي؛ بحيث يكون عدد ناخبي الدوائر متساويا.
أما النظام الانتخابي الجديد فيقوم على نظام "القائمة النسبية المفتوحة" الذي كان معتمدا عام 1989، ووفقه يقوم الناخب بالإدلاء بصوته لإحدى القوائم المرشحة أولا، ثم يصوت لعدد من المرشحين لا يتجاوز عدد مرشحي القائمة التي صوت لها ابتداء دون غيرها من القوائم الأخرى، ولا توجد دائرة انتخابية يقل عدد مقاعدها عن ثلاثة في مجلس الأمة.
وحتى اليوم، أعلنت معظم الأحزاب السياسية في الأردن مشاركتها في الانتخابات، باستثناء حزب جبهة العمل الإسلامي "الذراع السياسي" لجماعة الإخوان المسلمين.
وتعود آخر انتخابات تشريعية إلى 23 يناير/كانون الثاني 2013.(الاناضول)