"المهاق".. ذكاء عالٍ بحاجة الى إدماج في المجتمع
المدينة نيوز:- اعتاد اشخاص الالبينو على سماع ألفاظ (تشبيهات) في الشارع او المدرسة، على اعتبار انهم اشخاص غير عاديين، يكون لها اثار نفسية عليهم.
والالبينو (المهاق) يعرف بأنه خلل في إنتاج صبغة الميلانين في الجسم، حيث يظهر اختلاف في لون الشعر والجلد والعينين، ويظهر في كافة الاعمار والاعراق ولا ينتقل بالعدوى، ولا ينتقل إلى الابناء إلا إذا كان الابوان يحملان نفس الجين، وفقا لأخصائية الارشاد النفسي في المجلس الاعلى للأشخاص المعوقين رشا الشلح.
تقول الشلح التي قدمت رسالة ماجستير متخصصة بأشخاص الالبينو ان الجين الموروث المسبب للألبينو (المهاق) يمنع جسم الفرد من صنع الكميات الطبيعية من صبغة الميلانين، مشيرة الى ان هذا الجين يورث بشكل متنحي اي انه يلزم ان يحمل الشخص جينين من كلا الابوين (جين من الاب و آخر من الأم) وهنا يكون الشخص حاملاً لصفة المرض (البينو)، أما إذا كان احد الابوين يحمل جيناً واحداً فعندها يكون حاملا لصفة المرض ولا تظهر عليه الاعراض، لذلك نجد اشخاصا عاديين ينجبون اطفالا مصابين.
وقالت ان هناك فروقا واضحة بين البرص (البهاق) والالبينو (المهاق)، اذ ان البرص او ما يعرف علمياً بالبهاق هو مرض جلدي وهو ظهور بقع جلدية خلاف لون الجلد ويختلف تماماً عن الالبينو (المهاق) حيث ان المهاق او الشخص الامهق هو الشخص شديد البياض وهو جين يورث.
ومن أبرز ملامح ( الالبينو) وفقا للشلح، البشرة البيضاء او تلك التي تكون افتح من لون الجلد الطبيعي، ومع زيادة العمر تزداد لون الشعر دكانة وتكون الشامات ملونة غامقة ولون الشعر يتراوح بين ابيض مصفر إلى بني فاتح او احمر، أما لون العين فيكون ازرق فاتحا او رماديا، مبينة انه كلما زادت نسبة الصبغة في الجسم تحسن مستوى النظر.
وقالت ان الافراد المصابين بالمهاق يواجهون مشكلات صحية واكاديمية مثل قصر النظر ورأرأة العينين، ما يؤثر على ادائهم الاكاديمي، اضافة الى المشكلات الاجتماعية والانفعالية والاسرية والتي تؤثر على نوعية حياتهم وانخراطهم في المجتمع كجزء من مكوناته.
واشارت الى ان صفة الالبينية لا تقتصر على الانسان بل تشمل جميع الكائنات الحية من نباتات وحيوانات، حيث ان مادة الكلوروفيل في النبات تنتج بكميات قليلة لذلك تتصف هذه النباتات بأنها تعيش لفترات قصيرة.
وبينت ان من الممكن التقليل من الاعراض والوقاية من المضاعفات وذلك بعدم التعرض الطويل لأشعة الشمس، وارتداء الملابس الكاسية لمعظم الجسم، والقبعات العريضة لحماية الوجه، والنظارات الشمسية، واستعمال كريمات الحماية من اشعة الشمس، واجراء العمليات الجراحية لتصحيح عيوب البصر، اضافة الى استخدام العدسات اللاصقة التي تقلل من شدة حساسية الضوء، وعدم الانتقال المباشر من الظلمة الى النور، وتجنب زواج الاقارب خاصة اذا كان هناك افراد من العائلة يعانون من هذه المشكلة.
ودعت الشلح وزارة التربية والتعليم الى توفير اللوازم الدراسية والبيئة الصفية (الاضاءة) المناسبة لهم، بالإضافة إلى المناهج الدراسية ذات الخط الكبير التي تمكنهم من اكمال مسيرتهم التعليمية لاسيما ان هؤلاء الاشخاص يحظون بنسبة عالية من الذكاء ولكنهم بحاجة الى الدعم والمساندة من المجتمع والأجهزة المعنية.
رانيا فتاة في التاسعة والثلاثين من عمرها، لم تكمل تعليمها المدرسي بسبب الضغوطات التي كانت تعرضت لها، وهي – كما تقول من الطلبة المتفوقين – فقد انهت الصف السابع بمعدل 86 بالمئة معتمدة على الدراسة بالمنزل مع شقيقتها الاكبر سنا والتي لا تعاني من اي صعوبات.
وقالت ان الاضاءة التي كانت داخل الغرف الصفية كانت تزعجها جدا بحيث لا تستطيع التركيز من شدتها، كما ان اصرار بعض المعلمات على ابقائها في المقاعد الخلفية نظرا لأنها طويلة (169 سم) حد من قدرتها على متابعة ما يكتب على السبورة، ناهيك عن نظرات البعض سواء من الطلبة او المعلمات بأنها كائن غريب له شعر احمر وبشرة فاقعة البياض! ما دفعها لترك مقاعد الدراسة.
وعبرت رانيا عن تمنياتها بتكثيف العمل اعلاميا لتغيير الصور النمطية لدى الناس عن حاملي جين الالبينو موضحة، "اننا بشر عاديون، نستطيع استخدام ادمغتنا بنفس طريقتكم بل ان منا من أكمل تعليمه متحديا كل الصعوبات، وبات مميزا في مجتمعه". استشاري طب العيون وجراحة الشبكية والسائل الزجاجي في مستشفى الجامعة الاردنية الدكتور نخلة ابو ياغي قال ان المهاق له عدة انواع ولكن بشكل عام اذا اصاب العين يؤدي الى تآكل صبغتها التي تعتبر اساسية في استقبال الضوء، لذلك فإن مرضى المهاق يعانون من حساسية تجاه الضوء ما يؤثر على حدة إبصارهم وبالتالي تحصيلهم العلمي وادائهم لأعمالهم اضافة الى تعاملهم مع الآخرين.
وبين أن هؤلاء المرضى بحاجة الى فحص تفصيلي في عيادة العيون للكشف عن اية مشكلات بصرية أخرى قد يعانون منها، وذلك لمساعدتهم على العيش بنوعية حياة افضل.
وقال ان اشخاص الالبينو يصنفون بشكل عام بأنهم من ضعاف البصر وهم الفئة الاقل درجة من المكفوفين، مشددا على ضرورة استعمال فلاتر خاصة بنظاراتهم من شأنه تصحيح مشكلة حساسية الضوء.
واضاف ان هذه الفلاتر متعددة الانواع، وتعتمد على طول الموجة الضوئية المستعملة، فكلما زادت نسبة الاصابة بالمهاق او خسارة الخلايا الملونة عندهم احتاجوا الى فلتر لونه اغمق، كالأسود أو البني في الحالات المتقدمة، مبينا ان الفلاتر تعمل على تصفية الضوء الداخل الى العين بحيث يسمح للموجة الضوئية التي يتحملها الشخص بحسب كمية الصبغة الموجودة لديه، وهذا يساعدهم على العيش بطريقة افضل، من حيث رؤية السبورة داخل الصف بشكل اوضح ما ينعكس على ادائهم العلمي، او مشاهدة التلفزيون بدون الشعور بالانزعاج من شدة الضوء، اذ تختلف حياتهم بشكل كامل.
واشار الى عدم تفهم بعض معلمي المدارس الى مشكلة البصر عند الالبينو، موضحا أن الطفل بحاجة لارتداء النظارة ذات الفلاتر بشكل دائم ليتمكن من التواصل مع محيطه بوضوح، ومشكلة تلك النظارات انها تشبه النظارات الشمسية وذات الوان مميزة مثل الاحمر او البني بحسب حالة المريض، ما يدعو المعلمات الى اجبار الطلبة على خلعها على اعتبار انه داخل الصف الآن.
وقال، لا توجد احصائية واضحة لحصر عدد المصابين بالالبينو لأنه من الامراض المتوارثة، مشيرا الى ان زواج الاقارب يعيد الامراض ذات الصفة المتنحية، كلها تتركز في زواج الاقارب.
واشار الى ان المهاق له طيف من التغيرات، فليس شرطا ان يكون حاملوه من ذوي اللون الابيض فقط، فهناك من يميل الى الاشقر كما يحمل بعض الحنطيين الجين، ويظهر حملهم للمهاق لدى فحصهم في عيادة العيون، اذ يتبين انهم يفتقدون الصبغة فقط في العين.
أما طالبة الدكتوراه في الجامعة الاردنية ندى فوضعها مختلف قليلا، اذ انها وان امتلكت لون جلد شديد البياض الا ان شعرها يميل الى اللون الاحمر, ونظرها يعتبر جيدا، وتشعر بعدم الارتياح نتيجة التعرض لأشعة الشمس او الاضاءة الشديدة.
ندى المتزوجة من شاب (أسمر) تقول ان فكرة لون البشرة لم تكن أمرا مهما في موضوع زواجنا، مشيرة الى انها لم تقم بإجراء فحص الجينات للكشف عن حملها لجين الالبينو.
اكثر ما كان يزعجها في الدراسة الالقاب التي كان بعض الطلبة يطلقونها عليها نظرا لشعرها الاحمر، مشيرة الى ان ذلك زادها اصرارا على التركيز على الدراسة واستكمال تعليمها الى ان وصلت الى مستوى الدكتوراه.
وكانت الجمعية العامة للأمم المتحدة اعتمدت يوم 13 حزيران يوما دوليا للتوعية بـ الالبينو (المهاق)، اعتبارا من العام 2015 تحت شعار (ليس هناك حق لأي شخص بالحكم علينا من خلال معتقداته الخاطئة، فنحن اشخاص الالبينو لنا الحق كغيرنا في العيش بكرامة بعيداً عن التمييز والحرمان والخوف).
(بترا)